صندوق معالجة خسائر «الخطوط» .. «الكهرباء» .. «المياه»
مناقشة مجلس الشورى لتقرير لجنة النقل الذي يطالب بإنشاء صندوق مستقل لمعالجة الخسائر التي تتكبدها ''الخطوط السعودية'' جراء انخفاض أسعار التذاكر الداخلية والتذاكر المخفضة بنسبة 50 في المائة للطلاب والعسكريين وذوي الاحتياجات الخاصة، كذلك تشغيل عديد من المحطات الإلزامية.. يقودنا للحديث عن أسعار الكهرباء والمياه، وشركة الكهرباء التي زادت الأسعار على القطاعات الصناعية والتجارية والحكومية لتعويض الخسائر المحققة في القطاع السكني الذي يمثل أكثر من 50 في المائة، مع العلم أن ما يهمنا هما القطاع التجاري والقطاع الصناعي لدورهما في زيادة حجم الاستثمار بشكل عام ودوره في تنويع مصادر الدخل القومي، فبأي حق تحمل خسارة قطاع على قطاعات أخرى، ليس هذا فقط، إنما من المحتمل أيضا زيادة الأسعار على هذين القطاعين مرة أخرى باستثناء القطاع السكني، وكذلك هو الحال في المياه؛ إذ إنه بعد إنشاء شركة المياه الوطنية التي يستفيد منها القطاع السكني بنسبة تزيد على 80 في المائة، فهناك أحاديث تدور عن زيادة قادمة لأسعار المياه على القطاعات الصناعية والتجارية والحكومية.. وعندما نرى تحميل تلك الأعباء على القطاعين التجاري والصناعي، يتساءل الكثيرون عن وجود ما تتضمنه رسالة هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج عند إنشائها التي تنص على ضمان أن تكون إمدادات منتجات الكهرباء والمياه المحلاة المقدمة للمستهلك في المملكة كافية وموثوقة وعالية الجودة وبأسعار عادلة، كما تشمل أهدافها حماية المصلحة العامة وحماية حقوق المستهلكين في الحصول على خدمات كهرباء، وتحلية مياه، وإنتاج مزدوج، ذات جودة عالية، وآمنة، يعتمد عليها، وتتوافر بأسعار اقتصادية معقولة، والارتقاء بخدمات الكهرباء وتحلية المياه والإنتاج المزدوج التي تركز على العناية بالمستهلك وحماية حقه في الاختيار الحر بين مقدمي الخدمة المتنافسين، إلى جانب تشجيع المستثمرين من القطاع الخاص على المشاركة في تطوير صناعة الكهرباء وتحلية المياه، وحماية مصالحهم، وتمكينهم من تحقيق عوائد اقتصادية عادلة على استثماراتهم.. حقيقة مع هذه الزيادات المستمرة في الأسعار لا نرى تفعيلا واضحا على أرض الواقع لهذه الأهداف أو المضامين، وقد يتفق معي كثيرون أنه لا نستطيع أن نحدد أين مشكلة الكهرباء: هل هي في شركة الكهرباء، أم في دور هيئة تنظيم الكهرباء المأمول منها لتطوير القطاعات الاستثمارية، والعمل على خلق سوق منافسة وإنهاء احتكار شركة الكهرباء لخلق منافسة شريفة بكل ما تعنيه الكلمة؟ والكلام نفسه ينطبق على شركة المياه ومرجعيتها.
ليس عيبا عند وضعنا خططا ووجد أنها غير مناسبة أن نعترف بالخطأ ونعمل على تقويمه ونواجه الواقع بكل شفافية، فإن 53 في المائة من استهلاك الكهرباء يتم من خلال القطاع السكني، فيما يستهلك القطاع الحكومي 14 في المائة، والقطاع الصناعي 18 في المائة، و11 في المائة للقطاع التجاري فيما يستحوذ القطاع الزراعي والمستشفيات الخاصة والمساجد والجوامع على ما نسبته 4 في المائة، إذاً القطاع الصناعي يمثل نحو 18في المائة من إجمالي الاستهلاك، فهل مسؤولية هذا القطاع أن يتحمل كل فترة عدم أداء الهيئة الدور المطلوب منها؟ وعند التفكير في أي زيادة لماذا تتجه الأنظار لهذا القطاع؟ وكذلك بالنسبة لقطاع المياه الذي يمثل نسبة الاستخدام السكني 80 في المائة والحديث عن زيادة على القطاعات الأخرى. إنني أعلم أن لدينا ملكا عطوفا رحيما لا يرغب في تحميل المواطن أي تكاليف معيشية إضافية، ولا يخفى على أحد نظرة العطف والرعاية من ولاة الأمر للمواطنين ضعيفي الدخل والتركيز على عدم زيادة الأعباء عليهم، كما أن ولاة الأمر لن يبخلوا بما يستطيعون إذا وصلت لهم المعلومة بالشكل الصحيح، كي تتحمل الدولة خسارة القطاع السكني وتعوض شركتي الكهرباء والمياه بها إن كانت هناك خسارة من قبل هذا القطاع، لكن من الظلم أن يتحمل قطاع أعباء قطاعات أخرى، ولا أعلم إذا كان هدف زيادة الأسعار هو الترشيد الذي لن يتحقق؛ لأن النسبة الكبرى من الخسارة فيه سببها القطاع السكني، وأنا مؤمن أن الديمومة لكل القطاعات لمستقبل أبنائنا أن تدار بطريقة تجارية وبعائد مناسب لرأس المال المستثمر ويضمن وجود رأسمال يضمن وجودها ويستثمر في توافرها مستقبلا.. وهنا أتمنى أن يوسع مجلس الشورى دائرة صندوق تعويض الخطوط السعودية الذي يناقشه ليتعدى خسائر ''الخطوط السعودية'' إلى شركتي الكهرباء والمياه ليضمن التعويض الكامل لكل الخسائر المحققة بسبب خسارة القطاع السكني تحقيقا لرؤية والد الجميع خادم الحرمين الشريفين ـــ يحفظه الله ـــ ورغبته وعطفه، وسعيه الدؤوب في عدم تحميل المواطنين أي تكاليف معيشية إضافية.