«الأحوال» .. في تحسن مستمر!

ما أجمل أن يكون الإنسان متوازناً وعادلاً وبالذات إذا كان كاتباً، حيث يتسم ما يخطه قلمه بهذه الصفات .. فيوما تراه ناقداً إذا وجد خللاً في إحدى الجهات، ولا ينقص من قدره أن تراه مثنياً وشاكراً إن وجد العمل في جهة أخرى منظماً ولا يحتاج إلى واسطة كي ينجز في الوقت المحدد .. وهذا كفيل بإعطاء الكاتب المصداقية أمام القارئ، وهو الأهم ثم أمام المسؤول.
أقول هذا الكلام بعد زيارة لوكالة وزارة الداخلية للأحوال المدنية في شارع العليا العام في مدينة الرياض لإبدال بطاقة الأحوال المدنية بأخرى جديدة .. ومنذ أن فكرت في هذه الخطوة وأنا أقلب في ذاكرتي وفي أوراقي عن اسم من يستطيع أن يتوسط لي كي أنجز المهمة دون عناء وانتظار طويل .. ولا ألوم نفسي لأن ثقافة الاستعانة بالواسطة سيطرت على عقولنا لسنوات طويلة .. ولتجربة الأسلوب الحديث دخلت على موقع الوكالة في الشبكة، فإذا تحديد المواعيد متاح وسهل بشكل حديث ومنظم، وتم تحديد الموعد وأكملت الأوراق المطلوبة، وبدأت الرحلة السعيدة التي ربحت منها، إضافة إلى تجديد بطاقتي هذا المقال الذي لا أقصد به مجاملة لمسؤول، فأنا لم أقابل أيا منهم، وإنما قابلت مجموعة من الشباب الذين يفخر بهم الوطن .. حيث يؤدي كل منهم عمله بنفس راضية، ولذا يستقبلون مراجعيهم بابتسامة تماثل إلى حد كبير ابتسامة موظف مصرف ذهبت إليه لتودع مبلغاً كبيراً من المال .. ولإعجابي بسرعة وروعة الإنجاز في دائرة حكومية سأورد خطوات الزيارة بالتفصيل، فلقد قام شاب في مكتب الاستقبال باستعراض أوراقي وطلب مني إكمال تعبئة نموذج لم أكمله .. وكان بإمكانه كما تعودنا أن يعيده لي ويطلب مراجعتي في وقت آخر .. وأكملت المطلوب في دقيقة واحدة وسلّمني مع الأوراق رقماً وطلب أن أنتظر على كراسي مريحة وفي مكان مكيف، وأترقب ظهور الرقم على إحدى شاشات الشبابيك .. وفي غضون خمس دقائق ظهر رقمي وتقدمت للموظف .. خالد بن سليمان السلوم .. الذي استقبلني بابتسامة لم نعتدها من بعض موظفي القطاع العام .. ووضعت يدي على جهاز البصمات .. ثم طلب أن أنظر إلى مرآة بجواري لتعديل وضع غترتي وعقالي استعداداً للصورة .. والتقط هو الصورة .. وعجبت أن يقوم موظف واحد بكل الإجراءات، فهذا مؤشر على انتهاء روتين المرور على عشرة موظفين لإنجاز عمل بسيط .. وانتهت المهمة وأعطاني موعداً لتسلم البطاقة.. يا لها من سهولة، حيث لم تستغرق العملية كلها أكثر من ربع ساعة، وهذا الإجراء للجميع وليس لأحد دون أحد، وفي جميع فروع الأحوال المدنية للرجال والنساء.
وأخيراً: أتعلمون ما سر هذا النجاح الذي تحقق في وكالة الأحوال المدنية؟ التي يجب أن تكون نموذجاً يقوم بزيارته للتدريب موظفو الجهات الحكومية، وبالذات الخدمية التي لها علاقة بالجمهور والمراجعين؟!
إنه بناء المسؤول الثاني على خطط من سبقه .. فاللواء عبد الرحمن الفدا وكيل وزارة الداخلية للأحوال المدنية لم يشطب كل خطط التطوير والتنظيم التي وضعها سلفه ناصر الحنايا، وإنما قام بالبناء عليها وتطويرها، بينما نجد وزراء ومسؤولين في جهات عديدة هدموا ما فعله أسلافهم وحاربوا خططهم، فعاشت أجهزتهم في دوامة الخاسر الوحيد فيها هو الوطن والمواطن.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي