الاحتياطيات غير التقليدية .. هل تشابه النفط التقليدي؟ (2 من 2)
في الجزء الأول أشرنا إلى أنه حتى الآن معظم النفط غير التقليدي في كندا يستخرج من المكامن القريبة من السطح التي هي على عمق لا يتجاوز 75 مترا باستخدام تقنية التعدين. هذا النوع من الترسبات يمثل فقط 20 في المائة من مجموع موارد الرمال النفطية في كندا.
أما باقي موارد الرمال النفطية الكندية فهي موجودة في أعماق أكثر من 300 متر، لاستثمار هذه الموارد تستخدم تقنيات إنتاج النفوط التقليدية نفسها, وذلك من خلال حفر الآبار العمودية أو الأفقية. لكن اللزوجة العالية تتطلب استخدام تقنيات مضافة لتسييل القار ورفعه إلى السطح. والمبدأ الرئيس لهذه التقنيات يعتمد أساساً على رفع درجة حرارة القار باستخدام البخار أو الحرق الموضعي In-Situ أو من خلال استخدام المذيبات، ما يسهم في تخفيف لزوجة النفط وتسهيل انسيابيه. ويتوافر حالياً عديد من التقنيات التي تم تطويرها ووصل بعضها إلى مرحلة التطبيق التجاري مثل تقنية الصرف بالجاذبية بمساعدة البخار المعروفة بـ SAGD، وما زال بعضها الآخر على المستوى النمطي. طريقة الصرف بالجاذبية بمساعدة البخار تعتبر أرخص من طرق التعدين وتستخدم كميات مياه أقل بكثير، لكنها تحتاج إلى طاقة أكثر لتوليد البخار، في الغالب يستخدم الغاز الطبيعي لهذا الغرض. في هذا الجانب تشير بعض التقارير إلى أن في حالة وصول إنتاج النفط من الرمال الكندية إلى خمسة ملايين برميل في اليوم في وقت ما بعد عام 2035، فإن ذلك سيستهلك نحو 60 في المائة من إمدادات الغاز من غرب كندا بأكملها، هذا سيمثل تحديا كبيرا جدا.
إذا مع الحجم الضخم من الاحتياطيات والتقنيات الجديدة، هل سيصل إنتاج النفط من الموارد غير التقليدية إلى ما هو متوقع حاليا؟ لا يزال هذا الموضوع موضع نقاش وجدل بين الأوساط المختصة. حيث يشدد بعض المشككين على الحجم الضخم من الاستثمارات المطلوبة لوصول الإنتاج إلى 11 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2035، كما تتوقع وكالة الطاقة الدولية. ويضيف المشككون أيضا إلى أن هذه الموارد سوف لن تحل مشاكل إمدادات النفط العالمية. في الجانب الأخر يؤكد المؤيدون أن الصناعة النفطية قطعت شوطا كبيرا في تطوير التقنيات اللازمة لإنتاج هذه الموارد بصورة اقتصادية، وإلى حد ما صديقة للبيئة. ويشددون على إمكانية تحقيق التوقعات الحالية في الموعد المحدد وأن هذه الموارد ستسهم بجزء مهم من إمدادات النفط العالمية في المستقبل، مع ذلك يقرون بأن موارد النفط التقليدية ستستمر في تلبية الجزء الأكبر من الطلب العالمي على النفط.
هناك اختلافات كبيرة بين موارد النفط التقليدية وغير التقليدية من حيث الكثافة، معدل الاسترداد (Recovery Factor)، إنتاجية الآبار، تلوث البيئية وفضلا عن مدخلات الطاقة اللازمة لإنتاجها.
كثافة النفوط غير التقليدية تراوح بين 7 و 10 درجات API مقارنة بنحو 22 درجة للنفط التقليدي الثقيل، 22 إلى 31 درجة للنفط التقليدي المتوسط و31 إلى 45 درجة للنفط الخفيف الحلو (واطئ الكبريت).
بطبيعة الحال، جميع أنواع الموارد النفطية (تقليدية وغير تقليدية) تحتاج إلى طاقة لإنتاج النفط. لكن موارد الرمال النفطية (رمال القار) والنفط الثقيل جدا يحتاجون بصورة خاصة إلى كميات كبيرة من الطاقة، على سبيل المثال لتحويل برميل واحد من القار إلى نفط خفيف أو متوسط مناسب لاستهلاك المصافي تحتاج تستهلك الصناعة حوالي 1000 قدم مكعبة من الغاز الطبيعي. في عام 2012 أنتجت كندا نحو 1.4 مليون برميل في اليوم من الرمال النفطية، لتحقيق ذلك استهلكت الصناعة نحو 1.4 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي يوميا، أي ما يعادل نحو 8 في المائة من إنتاج كندا اليومي بأكملها.
لذلك عندما كندا، على سبيل المثال، تقول إن لديها 175 مليار برميل من نفط القار، لا ينبغي أن يفسر هذا على أنه نفس 175 مليار برميل من الاحتياطيات السعودية أو العراقية.
في عمليات إنتاج النفوط التقليدية، ضغط المكمن المتأتي من طبقات الغاز أو طبقات المياه المصاحبة لطبقات النفط يكون كافيا بشكل عام لجعل النفط يتدفق إلى آبار الإنتاج. إذا ما نضب ضغط المكمن الطبيعي أو لإدامته، يتم تعزيز تدفق النفط من خلال ضخ الغاز أو الماء في المكمن لدفع النفط المتبقي إلى آبار الإنتاج. في حين أن موارد الرمال النفطية (رمال القار) والنفط الثقيل جدا تتطلب عادة إضافة مواد مخففة (مثل المكثفات النفطية، سوائل الغاز الطبيعي أو النفط الخفيف) لتمكين نقل النفط عبر خطوط الأنابيب. على سبيل المثال، في أحد المشاريع التي تم تشغيلها أخيرا في حزام أورينوكو الفنزويلي للنفط الثقيل جدا، احتاج المشروع برميل واحد من المواد المخففة لكل 3 أو 4 برميل من النفط الثقيل، في كندا يحتاج القار إلى مزج ثلث من المكثفات النفطية أو مزج نصف من النفط الخفيف المصنع لنقله عبر خطوط الأنابيب. يقدر حاليا تكلفة إنتاج برميل واحد من القار بنحو 50 إلى 60 دولارا، مقارنة بنحو ثلاثة دولارات للبرميل في منطقة الشرق الأوسط، خصوصا في المملكة العربية السعودية والعراق.
باختصار، احتياطات النفط غير التقليدي ليست مشابهة إلى الاحتياطيات التقليدية، حيث تجابه الأولى تحديات كبيرة لتطويرها من هذه التحديات: التكاليف الرأسمالية الكبيرة، انخفاض إنتاجية الآبار ما يتطلب وقتا طويلا جدا لإنتاجها، محددات على إمدادات الغاز الطبيعي والمياه، الحاجة إلى كميات كبيرة من المواد المخففة والتلوث البيئي.