العمدة والشرطة .. والوجود في الأحياء
لا حديث للناس هذه الأيام إلا عن الحملة الأمنية الجادة والموفقة التي تقوم بها مختلف الجهات المختصة لضبط الأمن ومطاردة المجرمين في مختلف مناطق المملكة. وفي هذا السياق تحدث معي أحد المتابعين الدائمين لهذه الزاوية، الذي أستمد منه ومن أمثاله من المواطنين المخلصين أفكار بعض مقالاتي "ولا ضير على الكاتب في ذلك"، حول مقترح بوجود مشترك للعمدة والشرطة في مكتب مخصص للعمدة يتوسط الأحياء الكبيرة. وقبل الخوض في تفاصيل المقترح الذي أضعه أمام أمير منطقة الرياض ونائبه المباشرين لعملهما بهمة ونشاط استحضر الدور الأمني للعمدة في المنطقة الغربية، حيث كان يوجه "العسه" ليجوب الشوارع ليلاً ويراقب ويدوي بصافرته ويهز عصاه الغليظة كلما اشتبه في شخص يمشي وعليه علامات الريبة والارتباك.. ويتلقى العمدة في "مركازه" المعروف في وسط الحي ملاحظات أهالي الحي حول المشتبه فيهم، حتى أن الشخص الغريب إذا مر في الحي أكثر من مرة دون هدف يصبح موضوع شك ومساءلة.
وعودة إلى الاقتراح السابق الذي لو طبق في الرياض لكونها مدينة كبيرة .. بل إنها مدن عديدة داخل حدود مدينة واحدة سواء من حيث اتساع أحيائها أو كثافة عدد سكانها الذي يزيد حالياً على ستة ملايين نسمة .. أقول لو طبق المقترح في بعض الأحياء ونجح، فيمكن أن يعمم على بقية الأحياء وعلى مدن المملكة الأخرى .. وتتلخص الفكرة في أن تقام في مركز الحي سواء كان حديقة أو بجوار المسجد غرفة واحدة كمكتب للعمدة الذي لا يعرفه أحد الآن، وإنما يحمل ختمه في جيبه ويصادق على بعض الأوراق في مركز الشرطة أو أي مكان آخر .. وعلى العمدة في هذه الحالة أن يقسم دوامه لساعات محدودة صباحاً للتصديق على المعاملات، وفي المساء تكون الساعات الأطول للمساهمة في تلقي بلاغات وشكوك وشكاوى سكان الحي حول المشتبه فيهم .. ويساعده في ذلك دورية من دوريات الأمن تقف أمام مكتبه أثناء الليل .. وهاتف يكون معروفاً للجميع .. وسيكون لهذا الوجود المشترك للعمدة والشرطة هيبة مطلوبة للحد من جرائم السرقات وغيرها، وفتح قناة تسهل الاتصال برجال الأمن ليكون المواطن والمقيم إقامة نظامية شريكين مع رجال الأمن في مراقبة المشبوهين ومجهولي الهوية، الذين يجدون في بعض الأحياء ملاذاً آمناً بين سكان الحي.
وأخيراً: ما دام الهدف هو تخفيف الضغط على مراكز الشرطة المشغولة دائماً بما هو أهم من تلقي بلاغ حول شك أو اشتباه .. فإن المأمول استقطاب بعض المتقاعدين من أجهزة الأمن المختلفة الذين تسمح ظروفهم الصحية بالعمل الخفيف للعمل في وظيفة العمدة .. وذلك لخبرتهم ولأن بعضهم قد أبلى بلاءً حسناً أثناء خدمته، وكانت له صولات وجولات في ملاحقة المجرمين وضبط الأمن الذي هو هدف الجميع.