رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الإماتة الطبية.. هي بديل السيف

عصابة متاجر الذهب، ورصاص التنفيذ عبرت بالمملكة العربية السعودية للتحول في طريقة تنفيذ أحكام القتل، بعد أن توقفت المملكة طيلة القرنين الماضيين على الطريقة القديمة ذاتها دون تغيير ــــ الضرب بالسيف ـــــ حتى الموت. وهي العبارة التي درج القضاة على كتابتها في أحكام ـــــ القتل سواء في القصاص أو التعزير. وهنا نتوقف عند ملاحظات مهمة في تنفيذ هذا النوع من الأحكام.
أولا: القتل شرعا هو: ''فعل من العباد تزول به الحياة'' وعرفه الحنابلة ''فعلٌ ما يكون سببا لزهوق النفس، وهي مفارقة الروح البدن'' ــــ كشف القناع البهوتي: المجلد 5-504
وفي إقامة حدود الله بالقتل لا نص مقيد ــــ للآلة ــــ، كما لا تقييد بالوسيلة المفضية إليه. إلا قيد الرحمة بالجاني، إذا ذبح أحدكم فليحسن الذبحة، وليشحذ سكينه، وليمض سيفه وإن الرحمة بلغت في التشريع الإسلامي، حد كراهة أن ترى البهيمة السكين قبل ذبحها، وكراهة ألا تكون السكين حادة، أو أن يتباطأ الذابح في الذبح بما يؤخر سرعة خروج الروح عن الحيوان المذبوح. أو أن تذبح الشاة أمام أمها، أما الإنسان الذي كرّمه الله وحمله في البر والبحر، وأسجد له ملائكته فحقه أعظم وأجل في رحمته بأيسرها على المقتول وأقلها ألما له.
ثانيا: إن طريقة القتل ــــ الضرب بالسيف ــــ كانت مختارة من قبل النبي صلوات الله وسلامه عليه، لكونها كانت في زمانه أيسرها وأسرعها على المحكوم. مع وجود ما هو أقسى منها كالحرق بالنار، والرجم بالحجارة، والرمي من شاهق، ورض الرأس بالصخور، والدفن حيا. وكلها وغيرها كانت حاضرة في زمانه صلوات الله وسلامه عليه. إلا أنه اختار أسرعها وأقلها ألما للمحكوم، أو المقتص منه.
ثالثا: التحول إلى الأيسر على المحكوم، والأقل ألما له، ولذويه. خاصة النساء لخصوصية كافة أحكام الرأفة بها، وتميزها عن الرجل بمزيد من العناية والرحمة حتى في العقوبات. ولكون القتل في الشريعة مطلق في أي فعل ''تزول به الحياة''. تكون الإماتة الطبية في زماننا هذا هي البديل الرحيم عن السيف.
حيث إن الثابت في الشريعة أن المطلوب هو زوال روح المحكوم بالرأفة والرحمة، وأن الضرب بالسيف، أو بأي وسيلة أخرى ليس مطلوبا في نفسه، ولا مرادا في نفسه، وأن الوسيلة قابلة للتغيير، والتبدل المستمر. وفق مقاصد الشريعة، وأحكامها السامية العليا.
رابعا: إن الإماتة الطبية، تحقق الحكم الشرعي وهو - القتل - لكونه فعل تزول به الحياة، وتخرج به الروح من البدن. وإن العام يبقى على عمومه ما لم يخصص. بنص صحيح ثابت، وحيث إن القتل في التشريع الجنائي ظل في عموم فعل القتل، يجوز للحاكم والقاضي أن يصطفي أفضل السبل وأقربها للرحمة الإنسانية في تنفيذ العقوبات الكبرى.
خامسا: إن تنفيذ الحكم عبر الإماتة الطبية. فيها أيضا الرحمة بذوي المحكوم بالقتل. وإن بعضها يشبه النوم في سكونها، ويحضرها أولياء الدم في موارد القصاص، كما يمكن أن يحضره جماعة من الناس من خلف الزجاج إن أريد الردع، كما يمكن إظهار صور غير واضحة تماما لوسائل الإعلام لتحقيق هذه الغاية أيضا.
سادسا: إن الوسائل الأخرى كالصعق الكهربائي، والشنق، والرمي بالرصاص، لا تخلو من أوجاع مبرحة قد لا تكون مطلوبة في نفسها، حيث إن المراد هو إنهاء حياة المحكوم لا تعذيبه، ولا حرقه بالكهرباء. والشنق الذي تختاره معظم دول العالم بوصفه أرحم سبل القتل، يشوبه أيضا الكثير من الأخطاء الموجعة كانقطاع الحبل، إلا أنه يظل أفضل من القتل رميا بالرصاص، ولذا يعاقب العسكريون في دول كثيرة بالرمي بالرصاص، والمدنيون بالشنق، حيث إن القتل بالرصاص يجب أن يتجه إلى أماكن محددة في الجسم ليفضي إلى القتل الفوري السريع. وعند خطأ الرصاصة سيظل في مرارات كثيرة قبل أن يموت.
وعلى ذلك..
بعد الخروج من وسيلة الضرب بالسيف في عقوبات القتل تعزيرا أو قصاصا، التحول إلى الإماتة الطبية هو البديل الرحيم. وإن تعذر ذلك للجميع فينبغي أن تكون هذه هي وسيلة التنفيذ للنساء، ولمن هو في حكمهن.
كما أن إفشاء وقت تنفيذ حكم القتل، يجب أن يعتبر جناية كبرى في حق المحكوم، يجب على وزارة الداخلية، أن تفتح ملف تحقيق فوري وعاجل، وأن تؤجل التنفيذ، وأن تعاقب كل من له صلة بتسريب هذا النوع من الأخبار التي تمثل انتهاكا صارخا لحق ثابت من حقوق المحكوم وذويه. وأن تطبق العقوبات والجزاءات الرادعة لكل وسيلة إعلامية لا تبالي بالعذاب النفسي الرهيب الذي يكابده المحكوم وأهله كافة بسبب هذه الجناية غير الإنسانية، والتي لا يجوز أن تمر دون عقوبة عادلة لها.
رحم الله الشباب السبعة، تجاوز عنهم، وألهم ذويهم الصبر والسلوان. إنه سميع مجيب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي