رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


مصر .. تنتظر مبادرة خليجية عاجلة

الأوضاع في الشارع المصري تنذر بعواقب وخيمة إذا لم تطرح مبادرة سياسية من الخارج على وجه السرعة، وتستهدف المبادرة إيقاف نزيف الدماء التي بدأت تسيل في الشوارع، والكل يتحدث عن مبادرة خليجية كتلك المبادرات الناجحة التي أطلقتها دول الخليج في اليمن وليبيا وسورية حتى تونس، حيث فصلت السعودية بين الثوار والرئيس علي زين العابدين وأعطته حق اللجوء السياسي شريطة ألا يمارس أي نوع من أنواع النشاط السياسي.
ورغم أن الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي كانت تتحرك بسرعة وفاعلية إزاء مجريات الأحداث في ليبيا واليمن وسورية وتونس، إلاّ أن تحركها في مصر كان تحركاً اقتصادياً فحسب، ثم تركت الشعب المصري يختار تغيير رئيسه وانتخاب الرئيس الجديد.
لكن رغم أن الأحداث كانت تمر من خلال الاعتصامات والتظاهرات السلمية في الميادين المصرية المترامية الأطراف، إلاّ أن التشنج والاحتقان في الشارع أخذ يتزايد حتى وصل إلى حد تدمير المنشآت وإشعال الحرائق وإيقاف المواصلات، بل تتجه الأوضاع الآن نحو إشعال الفتنة بين المواطن ورجال الشرطة، ما حدا ببعض رجال الشرطة إلى أن يتخذوا قراراً بالاعتصام والإضراب عن العمل.
حتى الآن، الأوضاع ما زالت تحت السيطرة النسبية، لكن إذا دخلت في نفق الصدام المسلح بين السلطة والنخب السياسية، فإن تدارك الأمر يبقى صعباً.
إن ما يحدث في مصر شديد التأثير في دول الخليج، فالتجارب السابقة تؤكد أن الأحداث في مصر لها صدى في دول الخليج، لذلك فإن قيام دول الخليج بالاتصال بالإدارة المصرية ضروري لإطلاق مبادرة خليجية سلمية تقي مصر شرور تصاعد الأحداث نحو الأسوأ.
وإذا دخلنا إلى معترك القضايا المثارة في الشارع المصري نجد أن الخلافات بين مختلف التيارات كبيرة وتتسع يوماً بعد يوم، ولن تحل محلياً؛ لأنها أخذت كل فرصها المحلية، بمعنى أن ما يحدث على الأرض هو ثلة من الخلافات المرشحة إلى مزيد من التصعيد، وأن حلها لا يتم إلاّ من خلال مبادرة خارجية.
والواقع يشير إلى أن أكثر الدول التي يمكن أن تلعب دوراً مؤثراً في المعضلة المصرية هي مجموعة مجلس التعاون الخليجي وبالذات السعودية؛ لأن الشعب المصري ــ بكل أطيافه ــ يكن الكثير من التقدير والاحترام للمملكة ومليكها وحكومتها وشعبها، بينما المبادرة التي تأتي من الغرب لن تجد قبولاً من كثير من أطياف الشعب المصري.
ولعل أكبر مثل على ذلك الزيارة التى قام بها إلى القاهرة أخيرا جون كيرى وزير خارجية الولايات المتحدة وطلب الاجتماع مع المعارضة، لكن فيلقاً كبيراً في جبهة الإنقاذ رفض الاجتماع مع كيري بحجة أنه عميل صهيوني مساهم في كل المآسي التي تعرضت لها الأمة العربية.
إن أهم شرط من شروط نجاح المبادرات السياسية هو أن تكون الدولة الراعية للمبادرة مقبولة من كل الأطراف، وهذا الشرط لا يتوافر في الولايات المتحدة ولا في دول الاتحاد الأوروبي، إنما يتوافر في دول الخليج التي سبق أن قامت بمبادرات ناجحة في عدد من الدول العربية التى اجتاحتها حمى ثورات الربيع العربي.
إن أهم المحاور التي يجب أن تتناولها المبادرة الخليجية إجراء تغيير وزاري فوري، وفسح المجال أمام جميع الأطياف لإبداء الرأي في الدستور الذي تمت الموافقة عليه في جلسة واحدة لمجلس الشورى، كما أن من أهم النقاط التى يجب أن تتناولها المبادرة الخليجية مسألة إجراء مصالحة عميقة بين الشعب والداخلية وتطبيع العلاقات بينهما تحت شعار "الداخلية في خدمة الشعب" وليس "الداخلية في خدمة النظام"، كذلك يجب أن تتضمن المبادرة الخليجية مصالحة عميقة بين الرئاسة والسلطة القضائية التي تعرضت لانتهاكات عديدة من الرئاسة، مع الحرص على ترسيخ مبدأ استقلال القضاء. وفي إطار إصلاح العلاقة بين الرئاسة والسلطة القضائية يجب أن تتضمن المبادرة الخليجية معالجة سياسية وقانونية لقضية النائب العام بحيث تقوم السلطة القضائية بترشيح نائب عام جديد، ويقوم رئيس الجمهورية بإصدار مرسوم بالموافقة على تعيينه نائباً عاماً وفقاً للقواعد الدستورية المتبعة، وثالثة الأثافي فإن المبادرة يجب أن تتضمن القواعد التي يجب اتباعها لانتخابات شفافة ونظيفة لمجلس النواب الجديد، الذي يعتبر الحلقة الأخيرة في الإصلاح السياسي وحماية مصر من التورط في تعقيدات الحرب الأهلية.
إن إصدار مبادرة تتضمن حلولاً لمجمل القضايا المختلف عليها كفيل بإعادة الاستقرار إلى مصر، وإذا عاد الاستقرار إلى أرض الكنانة، فإن الحكومة الجديدة تستطيع أن تباشر مشاريعها وبرامجها التنموية وتتجه إلى حل مشاكل المصريين، وأهم هذه المشاكل التسيب الأمني والبطالة وارتفاعات الأسعار.
وأخيراً وليس آخراً؛ فإن على دول الخليج أن تدعم الإصلاح الاقتصادي المصري بالمال والرجال، وأن تبعث برجالها لمتابعة تنفيذ الإصلاحات.
إن إعادة الاستقرار إلى مصر فيه مصلحة كبرى للمناخ السياسي في دول الخليج التي تعاني هي الأخرى انتهاكات إيرانية مغرضة لسيادة كل من البحرين والإمارات والكويت.
والخليج في المقابل يحتاج إلى مصر (القوية) في مواجهة إيران المغرضة والطامعة!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي