رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


بيانات مصلحة الإحصاءات «قليلة المصداقية»

يشير الخبر المنشور في ''الاقتصادية'' قبل أيام إلى أن مجلس الشورى ''وصف بيانات التضخم التي تنشرها مصلحة الإحصاءات العامة بـ ''غير الدقيقة'' و''قليلة المصداقية''. ولعلي أنتهز فرصة اهتمام مجلس الشورى بدقة البيانات لأعرض معاناة الباحثين ومراكز الدراسات في الجامعات من انخفاض دقة البيانات وعدم توافرها للمستفيدين، إما لعدم جمعها من الأساس أو للتحفظ عليها من قبل الجهات المكلفة بجمعها من الميدان ووصفها بـ ''السرية''.
وعلى الرغم من التطور الكبير الذي شهدته المملكة في مجال جمع البيانات والتزايد المستمر في عدد مواقع الجهات الرسمية والخاصة على شبكة الإنترنت، فإن مستوى الإفادة من البيانات التي تجمعها الأجهزة الحكومية لا يتناسب مع المبالغ الطائلة التي تنفقها الدولة لجمع هذه البيانات وترميزها وإدخالها في الحاسب الآلي، مما يزيد الحاجة إلى تعظيم الاستفادة من البيانات من خلال إتاحتها للمستفيدين وتشجيع الباحثين على الاستفادة منها من جهة وتحسين مستوى دقتها ومصداقيتها من جهة أخرى.
تزداد أهمية ذلك لأن غياب المعلومة يجعل الكثير من قضايا المجتمع مجالاً خصباً للتخمينات والتكهنات، فعلى سبيل المثال، يُلاحظ الاختلاف الكبير في إحصاءات المتعطلين عن العمل بين وزارة العمل ومصلحة الإحصاءات العامة، وهناك إحصاءات إخفاق كامل في توفير بيانات عن معدلات العنف الأسري، ومتوسط الدخل، وخط الفقر، ونسبة العقم لدى النساء والرجال، ونسبة النساء المستخدمات لوسائل تنظيم الأسرة، ونسبة الإعاقة بأنواعها المختلفة، ومعدل انتشار بعض الأمراض الخطرة والمزمنة وغيرها.
وعلى الرغم من التحسن النسبي في توفير البيانات وإجراءات الوصول إليها، فإن الباحث لا يزال يعاني وينفق الكثير من الوقت والجهد في سبيل الحصول على البيانات الخام أو الإحصاءات التفصيلية، إذ إن الجداول التلخيصية المختصرة التي تنشرها بعض الجهات الحكومية لا تفي بأغراض البحث العلمي ولا تحقق متطلبات الإبداع والأصالة، وهو ما أسهم في ضعف البحوث في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية بشكل عام، وقلل الاستفادة من البيانات في التعامل مع قضايا المجتمع بشكل خاص.
بناء عليه، أدعو المؤسسات الحكومية والخاصة استشعار دورها في تنمية المجتمع والإسهام في حل القضايا والمشكلات التي تواجهه من خلال إتاحة البيانات للباحثين خصوصاً والمستفيدين منها عموماً. وأهم من ذلك لا بد من مراجعة طبيعة البيانات وأساليب جمعها من خلال عقد ورش عمل يشارك فيها أصحاب المصالح والمستفيدين من البيانات. فقد تجاوز الزمن تلك الحقبة التي يعمل فيها الجهاز الإحصائي أو المؤسسات العامة بمعزل عن المستفيدين سواء كانوا مؤسسات أو أفراداً. لقد أضحى من الضروري سماع وجهات نظر مستخدمي البيانات والمستفيدين منها، ومن ثم محاولة تحقيق رغباتهم وجمع الإحصاءات المتغيرة والمتجددة التي يحتاجون إليها.
ونظراً لما يترتب على الوضع الحالي من هدر للمال العام وتعطيل للبحث العلمي وعدم استفادة كاملة من البيانات لعدم إتاحتها للمستفيدين، وإلحاقا لمطالباتي السابقة، فإنني أتقدم لمجلس الشورى الموقر بطلب النظر في الحاجة الملحة لوضع نظام شامل لنشر البيانات وتوزيعها واستخدامها من أجل تعظيم الاستفادة منها بما يتناسب مع المبالغ الكبيرة التي تنفقها الدولة على جمعها، ودعوة الجهات المسؤولة عن جمع البيانات كمصلحة الإحصاءات العامة ووزارة العمل ووزارة الصحة ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الشؤون البلدية والقروية العمل الجاد على تحديث آليات جمع البيانات لتواكب الاحتياجات المتجددة والمتغيرة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي