رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الصخر الزيتي .. إلى أين هذا الضجيج؟

الزيادة في إنتاج النفط والغاز من موارد الصخر الزيتي في الولايات المتحدة تعتبر واحدة من أكثر الأحداث المثيرة في صناعة النفط والغاز العالمية التي حدثت في الماضي القريب. على مدى السنوات الأربع الماضية، ارتفع إنتاج النفط الخام الأمريكي وإنتاج سوائل الغاز الطبيعي أكثر من 2.0 مليون برميل في اليوم (> 25 في المائة)، مدفوعا إلى حد كبير بارتفاع الإنتاج من موارد الصخر الزيتي. تتوقع إدارة معلومات الطاقة الأمريكية حاليا أن يرتفع إجمالي إمدادات النفط الأمريكي في عام 2013 و2014 بنحو 1.6 مليون برميل في اليوم. وبذلك يصل الارتفاع التراكمي لإنتاج النفط الأمريكي من عام 2008 حتى 2014 إلى نحو 4.1 مليون برميل في اليوم.
الطريقة التي تروج بها الصناعة النفطية لهذه المكاسب في إنتاج النفط الخام الأمريكي، تعطي انطباعا بأن إنتاج الولايات المتحدة من النفط الخام سيرتفع إلى مستويات قياسية جديدة لم يصلها من قبل. لكن الحقائق تشير إلى عكس ذلك. وفقا لبيانات الإنتاج الشهري لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، إنتاج النفط الخام الحالي لا يزال أقل بكثير من الذروة التي وصلها في عام 1970 وأقل من الذروة الثانوية، إذا صح التعبير، التي حققها على خلفية ارتفاع إنتاج النفط الخام من ولاية ألاسكا في عام 1985. لكن، كما تظهر البيانات، الإنتاج بدأ في التراجع بصورة كبيرة منذ عام 1985 حتى وقت قريب.
نعم لقد ساهمت تقنيات التكسير الهيدروليكي الحديثة والحفر الأفقي في دعم إنتاج النفط بصورة اقتصادية من المصادر التي لم يكن بالإمكان الوصول إليها سابقا، لكن هل من الصحيح أيضا أن تغالي هذه الصناعة في توقعاتها المستقبلية في ضوء التحديات التي تواجه تطوير هذه المصادر.
إن التحديات البيئية المتعلقة بعمليات التكسير الهيدروليكي، واستخدام المياه، وتوفر البنية التحتية (معدات التكسير الهيدروليكي ومعدات الحفر الأفقي) والنقص في القوى العاملة من ذوي الخبرة في هذا المجال قد تثبط من الحماس في التوسع السريع في تطوير هذه الموارد خارج الولايات المتحدة. على الرغم من أن البعض يعتقد بأن الولايات المتحدة ستحقق الاكتفاء الذاتي في البترول بحلول عام 2015، إلا أن هذا التوقع مفرط في التفاؤل. مع ذلك، لقد ساهمت تجربة الولايات المتحدة بشكل كبير سواء من حيث تعزيز إمدادات الغاز الطبيعي أو النفط الخفيف، وكلاهما كان يعتقد أنه قد وصل الذروة قبل عقد من الزمن.
أحدث تقدير لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية حول كميات النفط القابل للاستخراج من الناحية الفنية لما يسمى بموارد النفط المحكم Tight Oil هو 33 مليار برميل. هذا الرقم للوهلة الأولى يبدو كبيرا، لكن في الواقع يمثل فقط نحو ست سنوات ونصف من استهلاك الولايات المتحدة للنفط.
في الواقع إن المعلومات المتوافرة حاليا عن الآفاق المستقبلية لمصادر النفط المحكم في الولايات المتحدة هي محدودة. هناك الكثير من المناطق لم يتم فيها أي أعمال حفر وتنقيب، في حين أن عمليات الحفر قد بدأت للتو فقط في بعض المناطق الأخرى. إضافة إلى ذلك لا تتوافر معلومات تاريخية كافية عن إنتاجية الآبار، كما أن معدل انخفاض إنتاجية الآبار عال جدا، يصل في بعض الأحيان إلى 70 في المائة سنويا.
هناك من الأسباب ما يدعو إلى الاعتقاد بأن ليس كل شيء قد يتم كما هو مخطط له، حيث إن المناطق التي تم الحفر فيها بالفعل تركزت عمليات الحفر في المناطق الجيدة من ناحية الصفات البتروفيزياوية للمكامن والتي أثبتت جودتها أو ما يعرف Sweet Spots. في الوقت الحالي تم الحفر والتنقيب في الولايات المتحدة في 55 موقعا فقط، لكن فقط عدد قليل من هذه المواقع أثبت نجاحات حقيقية في هذه المرحلة المبكرة، هذا منطقي جدا، لكنه يوحي بأن الشركات يجب أن تتجاوز هذه المناطق القليلة الجيدة والعثور على إمدادات إضافية من مصادر أكثر تحديا من الناحية الجيولوجية وبالنتيجة ستكون أكثر تكلفة ويصعب استغلالها. ليس هناك ضمانة كيف ستتمكن الشركات من النجاح. لكن المنطق يشير إلى أن نمو الإنتاج سيتباطأ ثم يتوقف عند نقطة ما، ثم يبدأ بعدها الانخفاض.
بالفعل إنتاج الولايات المتحدة المحتمل من مصادر الصخر الزيتي لا يزال غير مؤكد للغاية بعد، وهذا يتوقف على حجم الموارد والجودة وإنتاجية الآبار، والحفاظ على وتيرة الحفر ومعالجة المعوقات والتحديات التي تواجهها.
في الوقت الحاضر، يوجد مدى واسع من وجهات النظر حول إمكانية ارتفاع إنتاج النفط الخام من مصادر الصخر الزيتي على مدى السنوات العشر المقبلة، هذه التوقعات تراوح ما بين 2.5 مليون برميل في اليوم إلى أكثر من 4.5 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2020 أو بعد ذلك بقليل. في هذا الجانب تتوقع إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن يصل إنتاج النفط الأمريكي إلى ذروته في وقت لاحق من هذا العقد، أقل قليلا من الذروة الثانوية السابقة التي كان عليها في عام 1985. من شأن ذلك أن يؤدي إلى وصول إنتاج النفط الأمريكي إلى ذروة جديدة، لكنها أقل من الذروات السابقة.
على أية حال مهما سيؤول إليه مستوى إنتاج النفط الأمريكي من مصادر الصخر الزيتي في المستقبل، نحن هنا بصدد قصة نمو حقيقية في الإمدادات لا يزال يتعين على الصناعة النفطية والأسواق فهمها بصورة جيدة.
لكن الشيء المؤكد في الوقت الحاضر هو أن ارتفاع امدادات الولايات المتحدة من النفط سيقلل من اعتمادها على الواردات الخارجية إلى حد ما. في أي حال من الأحوال ليس من المتوقع أن تلعب الولايات المتحدة دورا كبيرا في أسواق النفط العالمية، لكن خفض وارداتها قد يتسبب في إلحاق بعض الأضرار الجانبية بأسعار النفط.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي