برامج المحادثة الفورية تهدد قطاع الاتصالات

برامج المحادثة الفورية تهدد قطاع الاتصالات

ربما لا يحتاج هذا الموضوع لدعمه بإحصاءات تثبت انخفاض الطلب على كثير من خدمات الاتصالات في ظل السيطرة التي فرضتها برامج التواصل والمحادثة الفورية المستخدمة عبر الهواتف الذكية.
وبشكل واضح تعاني خدمات الرسائل النصية القصيرة من ضعف الطلب عليها مع اعتقاد بأن هذا الضعف قد يمس أيضا الاتصالات الهاتفية التي أصبح من الممكن اختصارها في رسالة عبر برنامج مثل ''واتس أب'' ناهيك عن اختصار كمية أكبر من الاتصالات عبر رسالة على المجموعات العائلية ومجموعات الأصدقاء في البرامج نفسها.
وأشارت توقعات صادرة هذا الأسبوع إلى تعرض شركات الاتصالات لخسائر مالية كبيرة تقدر بـ 3 مليار دولار خلال 6 سنوات بسبب ازدهار شهرة برامج المسنجر عبر الهاتف الذكي مثل كاكاو توك ولاين وغيرها .
وكشفت شركة سترايتيج أنيليتكس (SA) المتخصصة في دراسة الأسواق في الولايات المتحدة الأمريكية أن حوالي 3 مليار دولار من أرباح شركات الاتصالات خلال الفترة من 2012 وحتى 2017 ستتلاشى متأثرة بزيادة المشتركين في برامج التواصل عبر الهواتف الذكية.
ويوما بعد آخر تطور برامج المحادثة نفسها وتتنافس لتقديم المزيد من الخدمات لمستخدميها فمن المحادثة إلى استخدام الرموز التعبيرية علاوة على إرفاق الصور والملفات. وينتظر أن تحقق هذه البرامج نقلة نوعية كبرى في حال استطاعت أن تقدم خدمات الاتصال المرئي والمسموع بشكل مرضي عنه لدى المستخدمين، وهذه المزايا رغم توفرها إلا أنها تواجه عقبات كثيرة أبرزها ضعف سرعة الاتصال عبر الإنترنت، لكنها خيار لا غنى عنه. وتفرض الخدمة المجانية نفسها حتى لو كانت بجودة أقل ، ويدلل أحد المشتركين عبر موقع فيس بوك على هذه القضية قائلا: أخي مبتعث في كندا، كانت الاتصالات الهاتفية ذات الرسوم المرتفعة تجعلنا نقتصر على سؤاله عن أحواله بشكل عام وعلى عجل وفي فترات متباعدة، برامج مثل الفايبر والسكايب سمحت لنا بمشاهدته يوميا والخوض معه في أدق التفاصيل، وهو أيضا يرسل لنا صورا لكل أمر مميز عبر الواتساب، ونشاهد أطفاله عبر مقاطع الفيديو التي يصورها ويرسل عبر مجموعتنا العائلية''. وأضاف : ''لا يمكن بحال من الأحوال أن ننسى الخدمات التي اضافتها هذه البرامج، بالنسبة لي كمستخدم آخر ما أفكر به هو أرباح شركات الاتصالات، والغالبية كلها مثلي''.
وحول هذه النقطة علق آخر: كل هذه المزايا من الرسائل الفورية والمحادثات المرئية وإرسال الملفات والصور والمقاطع غير ممكنة عبر الخدمات التي تقدمها شركات الاتصالات، والموجود منها تكلفته مبالغ فيها.
وانتشرت المجموعات التي تستخدم البرامج المجانية على المستوى العائلي وحتى على مستوى العمل حيث تستعيض بعض الإدارات بما يسمى ''القروبات'' عبر الواتس أب مثلا لتبادل المعلومات ونقاش شؤون العمل على عجل.
وتعوض شركات الاتصالات هذا النقص في الطلب على خدماتها الاعتيادية بالتنافس على كعكة الإنترنت حيث أصبح الاشتراك بخدمة الويب جزء لا يتجزأ من أي هاتف ذكي، كما أن بعض هذه الشركات بدأت بتقديم خدمة تتعلق بتشغيل برامج المحادثة فقط، كالسماح باستخدام الواتس أب عبر رسوم خاصة في محاولة لا يبدو أنها تحدث فرقا يذكر في ظل لجوء الأغلبية إلى التشغيل الكامل لخدمة الإنترنت.
وقد شهدت شركات تشغيل برامج المحادثات الفورية عبر الهاتف النقال باستخدام شبكة الاتصالات التي أسستها شركات الاتصالات توسيع نفوذها في أسواق آسيا والباسفيك وفي كل من كوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأمريكية.
وتقول آخر الأرقام أن عدد المشتركين في برنامج واتس أب نحو 250 مليون مشترك ويستخدم نفس هذا الرقم برنامج أي مسج من أبل، و100 مليون مشترك لبرنامج لاين و80 مليون مشترك لبرنامج كاكاو توك وهو ما يوضح ثقل هذه البرامج وتأثيرها البالغ الأهمية.
وأفاد تقرير نشر مؤخرا أن مستخدمي برامج الواتس أب فقط يرسلون أكثرمن 10 مليار رسالة يومية منوعة ما بين رسالة نصية وصورة ومقطع فيديو، وهذا الرقم بلا شك كان من المفترض أن يصب في أرباح شركات الاتصالات.
وأشار التقرير إلى أن الشركات المشغلة لهذه البرامج تشكل تهديدا لأرباح هذه شركات الاتصالات من الرسائل القصيرة، وتوقعت اختفاء رسوم إرسال الوسائل القصيرة عبر الهاتف الذكي، بينما يحقق المشغل لهذه البرامج أرباحا من بيع سلع افتراضية، منها على سبيل المثال أيقونات وشخصيات وأدوات العاب في الانترنت، هذا علاوة على بعض الإعلانات التي تبث عبر هذه البرامج، مع كونها أغلبها مجاني أو بسعر زهيد جدا لا يتخطى ثمن مكالمة هاتفية واحدة.

الأكثر قراءة