الأطفال الشريحة المهملة
سبق أن كتبت في هذه الصفحة عن الطفولة، لكن في سياقات وأحداث معينة، أكدت خلالها أهمية إيجاد أنظمة تحمي الأطفال من بعض التصرفات التي قد تحدث من الوالدين أو أحدهما، أو أحد أفراد العائلة، لكن هذه المرة أتحدث عن حقوق الأطفال، رابطاً ذلك بمناسبات عامة كالاحتفالات أو الأنشطة الرياضية أو غيرها من الأنشطة، التي يحضر فيها الأطفال. هذه الاحتفالات أو الأنشطة قد تستخدم فيها ألعاب نارية، أو قد يحدث فيها زحام وأعمال شغب أو تدافع، ومن ثم يكون الأطفال هم ضحية مثل هذه الأشياء. ولقد تساءلت أكثر من مرة: كيف يسمح لأطفال صغار بحضور مباريات كرة القدم، التي يكون فيها من الزحام الشيء الكثير لكثرة الأعداد! ذلك أن هذه المناسبات تشهد حماساً طاغياً قد ينتج عنه الكثير من التصرفات التي تؤذي الأطفال الحاضرين. إذا كان الوالد والأخ الأكبر الذي حضر معه الطفل قد أساء التصرف فهل يُترك الحبل على الغارب لمثل هؤلاء لإحضار أطفالهم حتى لو كان الهدف شريفاً، وهو إدخال البهجة والسرور على الطفل! إذ إن هذا الهدف يمكن أن يتحقق في مكان آخر أكثر أمناً ومن خلال نشاط آخر.
كما أن تشجيع الأطفال لحضور الأنشطة الرياضية والسماح لهم بذلك قد يربطهم بهذه الأنشطة، ويحدث لديهم اتجاهات إيجابية إزاء هذه الأنشطة، وفي هذا صرف لاهتمامات الأطفال إلى أمور أقل أهمية إذا ما قورنت بأنشطة واهتمامات أخرى يفترض أن تغرس في ذات الطفل، لأنها هي التي يفترض أن يبنى عليها مستقبل الطفل، الذي يتطلع إليه المجتمع ليكون لبنة صالحة فيه، في قطاع مهم، وأحوج ما يكون المجتمع إلى أن يراه فيه، كالأنشطة الإنتاجية التي تملؤها العمالة الوافدة من كل حدب وصوب.
خلال الفترة الماضية حدثت أحداث كان ضحيتها أطفال، حيث مات ستة أطفال وجرح آخرون في حادث وقع بين حافلة تقل الأطفال وسيارة أخرى في مدينة الجبيل، كما أصيب أطفال آخرون في الرياض في مدينة ألعاب ذهبوا إليها ضمن رحلة مدرسية، كما أن ما يحدث عند دخول المدارس أو الخروج منها وأمام المدارس أمر مزعج ومؤسف، ويتطلب استحداث أنظمة وقوانين صارمة تحمي الأطفال من عبث العابثين، حتى إن كانوا من الأقارب.
الأطفال في الغرب يُمنعون من حضور بعض الأنشطة، التي قد تكون سبباً في إيذائهم، كما يُمنعون من مشاهدة بعض الأفلام والبرامج التي تؤذيهم نفسياً، ويُؤَخَّر عرض بعض المواد الإعلامية، كما يُنَبَّه ويُحَذَّر من مشاهدة الأطفال لهذه المواد، إضافة إلى توفير أشخاص يقومون بتنظيم عبور الأطفال للوصول إلى المدرسة أو ركوب السيارة أو الحافلة، كما تُنَظَّم المساحات والممرات بحواجز تحمي الأطفال، ويُعَاقِب القانون عقاباً صارماً من يتجاوزها.
ما يحدث في مدن الأطفال في كثير من الأحيان ناتج عن عدم الصيانة الدورية، وكذلك إهمال العاملين في هذه المدن، وعدم قيامهم بأدوارهم بالشكل المطلوب، وغفلتهم أو تغافلهم عن مراقبة الألعاب وهم يلهون، إضافة إلى شعورهم بالأمان من النظام، أو عدم وجود النظام الذي يعاقبهم على سوء تصرفاتهم، بل ربما عدم أهليتهم للقيام بهذه الأدوار.
الجهات المعنية كل في مجاله يفترض أن توجد التنظيمات، وكذلك توفير الإمكانات التي تحفظ للأطفال طفولتهم، وتوفر لهم حياة آمنة سواء كانت في المدارس أو في الأسواق أو في مدن الترفيه أو في أي مكان يوجدون فيه.