قلة الشجاعة عدمُ إنهاء هذا المقال!
.. جنسُ البشرِ لم يخلَقوا ليكونوا كاملين مكتملين. أبداً وإلا لما انطبقت عليهم صفةُ البشر. نحن خُلِقنا كي نتعلم، كي نطور أنفسَنا، كي نتعلم من أخطائنا، كي ننمو، كي نزدهر، لنتوسع ولننتشر، ولنصعد للعُلا قدر إمكاننا خطوة تليها خطوات، دوماً إلى الأعلى بلا التفات للخلف. في مرحلة الصعودِ الالتفافُ للخلف.. سقوط. علينا أن نجدّ في الإبداع، ونخلص في الحب، الحب لأرضنا وعملنا وأهلنا، الحبّ الجاد الذي لا تشوبه شائبة الأنانية ودوائر نار المصالح الشخصية. حينها سنرى الجمالَ في كل الأشياء، في وجودنا، وفي أرضنا، وفي إنجازاتنا.. وفي أنفسنا. لا إنسان مكتمل ولا يجب، مهما علا شأن أي شخص وارتفع، فلا بد أن يتعثر ويقع. ولكن عندما يكون العقل فاسداً، والضمير فاسداً.. فالنتيجة فساد يعتقد الفاسدُ أنه يصيب الآخرين ويبتعد عنه، ولا يعلم المسكينُ أنه أول من أُصيب به.. فعلاً!
في إدارة أي شيء، من الدكان إلى الإدارات التنفيذية، القصدُ هو النمو والازدهار في كل مجال، وبالتالي لا يمكن أن تسمح وأنت باستواء منطقك واعتدال عقلك أن تضع بائعاً خائباً في الدكان، وتعطيه فرصة أخرى متى فشل، لن يستطيع المحَلُّ تحمُّل خسارتيْن وبنفس الدواعي.. ولكن، ما لا يسمح هناك لا يسمح هنا. عندما تنسى أن تجلبَ ملابسك من المغسلة هي مسؤوليتك وحدك، ولا تلومُ وتقرّع إلا أنت، ولكن عندما لا يستطيع الناسُ أن يغسلوا ملابسَهم لأن المغاسلَ في البلاد توقفت بسبب خطأ إداري رسمي مثلا، فهذا خطأٌ ستكون عواقبه على الجميع.. وهنا الخطأ يكون مسؤولاً، والعقاب يكون واجباً، والأهم عدم تكرار الخطأ، فوجود الخطأ الأول ببساطة يعني أن الذي يديرُ مرفق المغاسل بالأمة.. فاشل.
في إدارةِ أي شيء، من الدكان إلى الإدارات التنفيذية القصد هو النمو والازدهار في كل مجال، وبالتالي لا يمكن أن تسمح أن تضع بائعاً خائباً في الدكان وتعطيه فرصة أخرى متى فشل، فلن يستطيع المحل تحمُّل خسارتيْن. وإن كان ذلك في الدكان فالأجدى أن يكون بالأمّة. عُدّوا لي الأخطاءَ الكبرى في مجالاتٍ عدّة بمرافق البلاد، وستجد أخطاءً بعضها الأرضُ ذاتها تقلع أديمَها غيظاً من الغباء والإهمال المفرط الذي يسبّب الدواهي.. ثم تنجلي الأزمة، لا، لا تنجلي الأزمة، بل ينجلي الغبارُ لينكشف لنا أن الخسائرَ الفادحة باقية.. وأن الفاشلين مرتكبي الأخطاء باقون! هذه وصفةٌ حمقاء ولكنها سريعة المفعول لسد شرايين الأمة بشحوم الفشل والمداراة، وتعطيل دوران الدم بأوردتها، وقفل مداخل ومخارج قلبها؛ دينامو الحياة.
إن المجاملةَ إن جازت في شيء، فلا تجوز بالخطأ الًمُتعدِّي، أي خطأ يتعدّى ذات المخطئ يجب أن يعالج بالحال.. هناك أخطاءٌ بريئة، نعم. نسامحهم، لا نعاقبهم، ولكن لا نعيد وضعهم في ذات مجال احتمال ارتكاب الخطأ مرة ثانية، إننا عندما نعيد المخطئ لمكانه، فمتى ثارَ خطأٌ جديد، فالخطأ يتعداه إلى من أعاد تثبيت وضعه بعد خطئه الأول.. إنك تريد إبداعاً وإخلاصاً، والفاشل نقيض المبدع.. إن أي طفلٍ يحبو على ركبتيْه سيقول لك النتيجة!
أما إذا كان الخطأُ فادحاً، وضاعت الملياراتُ، واستُنزفَت عناصرُ البقاء، وفُقِدت الأرواحُ.. وبقيَ الخطأ المعلومُ ــــ حتى لا أقول المتعمّد ــــ وبقيَ المخطئون، فعفواً.. هنا يجب أن أنهي المقال!