نحن وتجارب الآخرين .. التوجيهات الرسمية
تناقلت الأخبار شبه الرسمية قبل أسبوعين إجراءات حول توجهات جديدة لتنظيم زيارات الوزراء وكبار المسؤولين في المناسبات الخارجية، خاصة حول الموضة الجديدة: الوقوف على تجارب الدول الأخرى. طبقا للمصدر الإعلامي أن هناك مسؤولين يقومون بزيارات ليست ذات جدوى، فيما بدا وكأنه ''هجمة'' سعودية للأخذ بتجارب الآخرين، بينما الآخرون يأتون إلينا بغرض المساعدة على البيع والتصدير. فبدا وكأننا في محاولات مستمرة للتعلم وحضور الندوات. بدأ هذا التوجه في نسخته الجديدة مع محافظ هيئة الاستثمار السابق، حين تشاغلت الهيئة بالحصول على ترتيب أعلى في كل قائمة مهمة وغير مهمة، وسرعان ما امتد ذلك إلى دعوات كبار الشخصيات العالمية لإمطارنا بالنصائح من لي كوان يو إلى مهاتير محمد إلى مايكل بورتر خبير استراتيجية الأعمال في جامعة هارفارد وغيرهم كثير.
فتحنا الباب ولا أحد يريد إغلاقه لأمر في نفس يعقوب. فبدأ الموضوع يتطور ويأخذ أشكالا ونماذج جديدة. فالبعض يحضر ندوات هامشية حول مواضيع هو يعرف من أكثر الحاضرين، والبعض يزور كوريا على الرغم من أن كوريا ''تطوعت'' من خلال مركزها البحثي الفكري بتقديم دراسة حول نموذج وخريطة طريق لتطوير التخطيط الاقتصادي في المملكة قبل أكثر من عامين، وبالتالي لم يُقصر أصدقاؤنا الكوريون في إسداء الرأي، ومع هذا نصر على تلقي المعلومة من مصدرها. جوانب البحث لدى البعض أصبحت خلاقة بينما المعلومة موجودة في المؤسسة أو الوزارة وأهم من المعلومة والدراسة أننا نعرف 80 في المائة من الإشكالية حتى حلها إذا كان هناك ترابط وتجانس وتنسيق وعزيمة، وهذا لا يتطلب عناء السفر، بل مزيدا من عصف الذهن مع الزملاء والمهتمين زمنا ثم الارتقاء إلى الناحية العملية حثيثاً، خاصة في التعامل مع ما يعوق الإنتاجية فعلاً. لا أعرف عن الآخرين، لكن أن يحل المسؤول أو الوزير 80 في المائة من الإشكالية ويترك 20 في المائة لمن يعقبه حتى يجد ما يشغله، ولعل 20 في المائة الباقية من الصعوبة بمكان يحملنا عناء السفر والجهد والمقارنة بمن سبقنا والوقوف على تجارب كوريا الاقتصادية وغيرها.
ما الحل؟
الأحرى أن نبحث ونستهلك ما لدينا ثم نرتقي الخطوات الأصعب في السلم، ما نحتاج إليه هو مؤسسة فكرية بحثية على درجة من الاستقلال الفكري والبحثي لمعالجة المسائل التنموية في مجالات الاقتصاد خاصة والروادف الحياتية الأخرى مثل التعليم والصحة وغيرها. هذه يتطلب مزيداً من العصف الذهني الذي يقود إلى استراتيجيات وخطط عمل واضحة. لذلك أتى التوجيه الكريم لإيقاف التهرب من المسؤوليات والسفر دون سبب.