رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


«إن أردتَ حريتك فلا تكن .. دودة!»

تأملات الإثنين

- ''فيدل كاسترو'' أقوى اشتراكي وأقدم شيوعي في العالم، دكتاتور يتقلب بين الستالينية والتروتسكية وأحيانا تابعا صوفيا لإنجلز، غارقٌ في المادية الجدلية المغموسة برائحة الدم والظلم والتحكم. عليَّ أن أعترف بأن في الرجل العتيق طرافة. كوبا، رغم المد الشيوعي والاشتراكي المادي إلا أن الكاثوليكية بقيت متقدّة فيها لم تنفع كل المحاولات و''التوعيات'' ولا حتى التهديدات، في مسح الطابع الكاثوليكي المتأصل فيها منذ كانت مزرعة خلفية للأمريكان أيام ''باتيستا'' في الخمسينيات، إلى كوبا فيدل وراؤول كاسترو اليوم. والبابا ''بينيديكت'' الذي يعتبره الكاثوليكيون أفضل بابا مر على الفاتيكان وهاجوا يوم أعلن اعتزاله البابوية أخيرا، نحذر منه كمسلمين لأنه كرّس عهده للتعرّض الرخيص لنبينا الكريم محمد - صلى الله عليه وسلم - زار مرة كوبا كاسترو. ترقب العالم ماذا سيصير بين ''فيدل'' أكبر رأس شيوعي حي، و''بينيديكت'' أكبر رأس كاثوليكي حي، وتصور المراقبون أنه سيصير بينهما جدالٌ عنيف ذي شد وجذب. وأصاخ العالمُ السمعَ جيدا. المهم، تساوى البابا العجوز جالسا بجانب كاسترو العجوز، ومال كاسترو على البابا بينيديكت، وهنا توقع العالم أزمة خليج خنازير جديدة لمَّا نُصِبَت الصواريخُ السوفياتية النووية على سواحل كوبا موجّهة لسواحل فلوريدا الأمريكية أول الستينيّات، أيام الرئيسين خروتشوف السوفياتي وكيندي الأمريكي. والعالم لسان حاله يقول: ماذا سيقول هذا العجوز الاشتراكي المعتق وقد التفت للعجوز الكاثوليكي الأول؟ الصمت يحوم في القاعة الكبيرة، وإذا بكاسترو يقول للبابا: ''إلا قل لي يا صاحب النيافة، يا أخي ماذا تعمل بوظيفتك؟'' التفت البابا مباغَتاً ولم يُحْرِ جواباً. إن العبرة هنا من كاسترو أقَصَدَها أم لا، بمعنى أن الدين السماوي لا يحتاج نائبا أرضيا يرفع تقارير للسماء وينيب عن الخالق - استغفر الله - في عمله، فيصفح ويغفر وتكون كلماته هي كلمات الله، لم يستوعب كاسترو ذلك. عقَّب صحافيٌ فرنسيٌ من مرافقي البابا الدائمين قائلا: ''كل الأديان لها رئيس روحي ممثلا للقوة الأعلى، فهناك رئيس روحي للكاثوليك والبوذيين والزرادشت ومجمع الحاخامات اليهودي..''. واعترضه صحافي أمريكي مهتم بالأديان وقال: ''إلا الإسلام لا رئيس روحيا لهم، هم يؤمنون أن لا حاجز بينهم وبين الله .. وأنهم سواسية أمام الله، وتبريرهم أن الله سيحاسبهم فردا فردا كلا على ما عمل، ولن يحاسب عنهم رئيسا كان لهم على الأرض. فعلق راؤول أخو كاسترو: ''المسألة تبدو منطقية!''.
- رأى الفيلسوفُ الألماني ''فيتشه'' هزيمة بلاده من الفرنسيين بقيادة نابليون في أول القرن التاسع عشر. انتصر نابليون على الجيوش البروسية في موقعةٍ شهيرة اسمها ''يينا'' وتكتب بالحرف اللاتيني لمن يحب أن يتعمق بالبحث هكذا:''Jena'' - كما بلهجة أهل الخليج وأول أطراف نجد تنطق الجيمُ ياءً، كذلك يفعل الألمانُ والهولنديون، كفريق ''أياكس'' الهولندي الشهير، يكتب ''أجاكس''.. والأعجب أن الإسبان لا ينطقون اللاّم المكررة مثل اسم عائلة اللاعب البرشلوني ''فيا'' فاسمه بالحرف اللاتيني يكتب بحرْفَي لام مكررين لا يُنطقان هكذا'' فيلاّ''. ليه؟ يتحيّر لهجاتٌ تطورت ولغات. الفلاسفة الألمان فلسفتهم ليست فقط علمية، بل تسايرُ رتمَ الواقع المعاش تدفعه قُدُماً للأمام، أو تنهضه من خطأٍ إن كان منحرفا عن الطريق. أقول لكم قصة؟ لما حكم نابليون ألمانيا كان الناس لا يتكلمون إلا همسا فعيونه مبثوثة في كل مكان، كلمة واحدة قالها مثقف صاحب مكتبة هي ''حرية'' في مدينة ''نورمبرج'' أدّت إلى رميه بالرصاص. وحتى نابليون غدر به المفهومُ العام عن الفلسفة أنها ''خرابيط''، فبينما قُتل المكتبي برصاصةٍ في رأسه لكلمة واحدة، سمح للفيلسوف ''فتشه'' بلا اكتراث أن يُلقي سلسلة خُطبٍ ومحاضراتٍ عنوانها: ''نداءٌ إلى الأمّةِ الألمانية''. و''فتشه'' كان فيلسوفا، الفكرُ عنده والعملُ على الأرض شيء واحد، وارتفعت إرادته لمستوى عقله فنتج عنها نشاطٌ وجدانيٌ عمَليٌ نفَّاذ، وطاقة أخلاقية حيوية جبّارة، فاستطاع أن يحول المُثُل العليا التي أرادها تمييزا للأمّة الألمانية إلى وقائع يومية قريبة.. تلهمه كلمة أستاذه العظيم ''كانتْ'': ''إذا أردتَ ألا يسحقك الناسُ بأقدامهم فلا تكن أمامهم كدود الأرض''، ونفخ في روح الشبيبة، فاعتزّوا بأرومتهم الجرمانية ورأوها الأمجد على الأرض، وأن الجرماني هو الأعلى فوق الشعوب.. وانتفضت ألمانيا وهزمت الجميع. لا عيب أن تلهم أمّتك بالسؤدد والحرية استلهاما من تاريخها المجيد.. بس لا تزودها كما فعل هتلر!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي