الاعتماد المدرسي ليس شهادة وإنما ..
عقدت الجمعية السعودية للعلوم التربوية والنفسية خلال الفترة من 23 إلى 25/3/1434هـ اجتماعها السنوي السادس عشر برعاية وزير التربية والتعليم وبحضور عدد كبير من منسوبي الجامعات وكذلك منسوبي التعليم العام، وقد شرفت بالمشاركة في بحث بعنوان "الاعتماد المدرسي نماذج، وتجارب عالمية، ونموذج مقترح للاعتماد المدرسي في المملكة". ومن خلال جلسات البحوث، وكذلك جلسات الحوار، والمناقشات، والمداخلات، التي شارك فيها الحضور تبلورت مجموعة من التوصيات التي تشكل أساساً لعملية الاعتماد المدرسي.
الاعتماد المدرسي كما اعتقده، وكما ذكرته في البحث، وفي المداخلات ليس شهادة أو ورقة تمنح لمدرسة وتمنع عن أخرى، بل لا بد من التعامل معه من خلال مفهوم الجودة، الذي يتطلع إليه الجميع في المجتمع، خاصة أولياء الأمور الذين يتطلعون إلى أن يلمسوا أثر التربية، والتعليم متجسدا في أبنائهم على شكل قيم حميدة، وسلوك منضبط رشيد، ومعارف عالية، ومهارات اجتماعية، وأخرى مهنية، وكذلك قدرات عقلية مناسبة، إضافة إلى اتجاهات إيجابية، وحميدة نحو الآخرين، والمجتمع، والأمم الأخرى.
الجودة في التربية، والتعليم، التي يفترض أن تتحقق في كل مدارسنا ستكون أمنية نتطلع إليها ما لم نأخذ بالأسباب، ونوفر الإمكانيات اللازمة، التي لا تتحقق الجودة بدونها، فالبيئة المدرسية، والمعلم، والتشريعات، والأنظمة، والتجهيزات داخل المدرسة إضافة إلى المشاركة الاجتماعية ذات الصبغة الرقابية، والأثر التحفيزي كلها أسباب ضرورية لا بد من توافرها إذا ما أردنا جودة لمدارسنا، ومن ثم اعتماد.
المدارس سواء كانت حكومية، أو أهلية، وخاصة كلها مطالبة بتوفير مستلزمات، وشروط الجودة، وبلا استثناء، ولأي سبب، وهذا الأمر ليس بالأمر الهين لكن توافر الإدارة الناجحة يحقق هذه الأمنية خاصة بعد صدور قرار مجلس الوزراء باستحداث هيئة الاعتماد المدرسي في التعليم العام. الجودة وكما هو متعارف عليه عالمياً لا بد لتحقيقها من إخضاع المدارس، وكذلك الجهات المشرفة عليها للتقويم المستمر، وغير المنقطع، إذ من خلال التقويم يمكن الكشف عن الإيجابيات، والسلبيات، وهذا من شأنه جعل المدارس، والقائمين عليها في حركة دؤوب، وتنافس حميم بهدف الارتقاء للأفضل.
ثقافة الجودة، والاعتماد، وضرورة نشرها كانت إحدى التوصيات الاثنتي عشرة، التي صدرت عن الندوة، وتتمثل قيمة ثقافة الجودة في خلق القبول لدى جميع أفراد المجتمع بأن التقويم، والسعي لتحقيق الجودة ليس قدحاً في أحد في قدراته، أو جهوده، ولكنها عملية تساعد الجميع على السير بأمان على الطريق الذي يوصل للارتقاء بمستوى التربية، والتعليم، وإذا ما تحقق الوعي العام، واعتمد في نشره الآليات المناسبة ستتضافر الجهود لتحسين مستوى التعليم، وهذا هو الهدف المرتجى.
التوصيات الأخرى شملت نشر التقارير الدورية بشأن المدارس، وإيجاد قاعدة بيانات، إضافة إلى الاستفادة من خبرات، وتطبيقات الجودة، والاعتماد المدرسي على المستويات: المحلي، والإقليمي، والعالمي. كذلك أكدت التوصيات ضرورة توفير معايير ومؤشرات أداء موضوعية يلزم تبنيها حتى لا تكون النتائج، والأحكام بشأن المدارس ذاتية. تطوير نموذج وطني للجودة، وضمانها يأخذ في الاعتبار جميع العناصر والمكونات التربوية والاجتماعية كانت إحدى التوصيات، وهذا لا يمكن أن يتحقق بدون الخبرات، والكفاءات العالية التأهيل في المجال، وكذلك توفير جميع الإمكانات المادية والبشرية اللازمة للجودة في المدارس إذا ما أردنا تعليماً ينقلنا إلى مستوى المنافسة العالمية بمشروع حضاري يليق بوطننا الذي يتوقع الكثير من إنجازات التربية والتعليم، التي تكفل لنا موقعاً متميزاً بين الأمم.