رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


«التعليم العالي» .. «العمل» .. «التخطيط» .. وقِدْر الابتعاث

هناك مثل شعبي يقول ''القِدْر ما يقعد إلا على ثلاث'' والابتعاث الخارجي ينبغي أن يكون له قدر وأرجله الثلاث وزارات: التعليم العالي والعمل والتخطيط.
إن قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز – حفظه الله - بتمديد برنامج الابتعاث الخارجي لمدة خمسة أعوام أخرى، يعتبر من القرارات البناءة التي سيذكرها التاريخ والتي ستسهم في فتح مزيد من نوافذ المعرفة، التي يكتسب من خلالها الشاب السعودي المهارات والعلوم غير المتوافرة لدينا لو أدير بمرجعية مستقلة.
فعندما أطلق خادم الحرمين الشريفين برنامج الابتعاث الخارجي قبل نحو ثمانية أعوام لخدمة شباب الوطن لإعدادهم بما يتواءم واحتياجات العمل العالمية المستوى، كانت تتمحور رؤية هذا البرنامج الكبير حول إعداد أجيال متميزة لمجتمع معرفي مبني على اقتصاد المعرفة، وتحقيق رسالة عظيمة تتمثل في إعداد الموارد البشرية السعودية، وتأهيلها بشكل فاعل لتصبح منافسا عالميا في سوق العمل ومجالات البحث العلمي ورافدا مهما في دعم الجامعات السعودية والقطاعين الحكومي والأهلي بالكفاءات المتميزة، إضافة إلى العمل على إيجاد مستوى عال من المعايير الأكاديمية والمهنية من خلال برنامج الابتعاث، والأهم تبادل الخبرات العلمية والتربوية والثقافية والاجتماعية مع مختلف دول العالم، إلى جانب رفع مستوى الاحترافية المهنية وتطويرها لدى الكوادر السعودية.
وكان نتاج هذا الدعم الكبير من الوالد القائد تخرج نحو 47 ألف طالب وطالبة حتى عام 2013، في التخصصات كافة، سواء كانت علمية أو نظرية، وعلى جميع المستويات، كما أننا بانتظار تخرج نحو 150 ألفا آخرين، ومع تمديد فترة برنامج الابتعاث نتوقع الآلاف من الخريجين، وهذا في حد ذاته مكسب للوطن وداعم للتنمية، ولكن لا بد لنا من مراجعة دقيقة للتخصصات التي كان البرنامج يتضمنها في السابق، من خلال إجراء تقييم شامل لبرنامج الابتعاث السابق، إلى جانب الاحتياجات الفعلية لسوق العمل السعودي، والتركيز على التخصصات النادرة التي لا تستطيع بعض الجامعات السعودية تقديمها للطلبة والطالبات، فنحن لا نريد لهذا البرنامج العظيم، أن يكرر مأساة بعض التخصصات في جامعاتنا، التي لا تتواءم مع سوق العمل، وتطرح مخرجات لا يستفاد منها لا من قريب ولا من بعيد في تطوير أعمالنا وكوادرنا البشرية، وإعداد أجيال متميزة لمجتمع معرفي مبني على اقتصاد المعرفة، تعمل على نقل ما تعلمته إلى أرض الواقع، ويستفيد منها المجتمع بشكل فعلي، ولن يتم ذلك إلا بعمل مشترك يشمل وزارات التعليم العالي والعمل والتخطيط.
وهنا لا بد من وضع ضوابط صارمة للتأكد من الجامعات التي يلتحق بها المبتعثون، وتفعيل دور الإشراف المستمر من خلال آليات رقابة واضحة ومتابعة، إلى جانب تفعيل دور الملحقيات الثقافية في سفاراتنا من خلال توظيف شباب سعودي مؤهل من خريجي البرنامج يقوم بالإشراف والرقابة الفعلية لنستفيد من تجربتهم، إضافة إلى ضرورة بناء نظام ترتبط فيه الجامعات والملحقيات، ليحكم عملية الرقابة، وإمكانية التعرف على التزام المبتعثين، ومتابعة تحصيلهم العلمي ونتائجهم.
نحن لدينا تجارب رائعة في برامج الابتعاث وعلى رأسها برنامج الابتعاث الخارجي لشركة أرامكو السعودية الذي يعتبر من البرامج المميزة التي يمكن الاستفادة من ضوابطه ومميزاته، ففي كل عام، تختار ''أرامكو السعودية'' بعض أفضل خريجي المرحلة الثانوية من القسم العلمي لابتعاثهم للحصول على درجة البكالوريوس في أحد التخصصات التي تحتاج إليها الشركة، شريطة استيفائهم المستوى المطلوب في المعدل التراكمي ودرجات اختبار القياس وامتحانات تحديد المستوى لمادتي اللغة الإنجليزية والرياضيات التي تضعها الشركة، وبعد النجاح في إتمام برنامج الإعداد الجامعي الذي تقدمه ''أرامكو السعودية'' على مدى عشرة أشهر في الظهران، يبتعث طلبة برنامج الشهادة الجامعية لغير الموظفين إلى إحدى الجامعات خارج المملكة لدراسة التخصص المعين لهم، وبعد إكمال برنامج الشهادة الجامعية بنجاح، يعين الطلبة كموظفين مهنيين في أرامكو السعودية، حيث يعد هذا البرنامج من أميز برامج الابتعاث من خلال حرصه على تخصصات مطلوبة وحيوية تستفيد منها الشركة، وبالتالي لن تجد من هؤلاء الخريجين من يبحث عن وظيفة تلائمه بعد التخرج كما هو الحاصل في برنامج الابتعاث الخارجي الحالي وهناك تجربة مميزة كذلك لجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية.
لذا أدعو إلى إطلاق كيان (ترتبط استمراريته بتواجد البرنامج) تحت أي مسمى يرتبط بمجلس الوزراء أعضاؤه من وزارات التعليم العالي والعمل والتخطيط، وبوجود للقطاع الخاص ليتولى إدارة البرنامج، مستفيدا من الخبرات المتراكمة لـ''أرامكو السعودية'' ومنطلقا من الدور المتوقع لوزارة التخطيط بصفتها المعدة والمديرة والمراقبة للخطط الاستراتيجية ووزارة العمل بصفتها المرجعية لسوق العمل، وبالتأكيد وزارة التعليم العالي بصفتها المسؤولة عن التعليم العالي الداخلي، والعمل على ابتعاث النخبة من الطلبة والطالبات للتخصصات المأمولة لتحقيق خططنا الاستراتيجية والاستفادة منهم مباشرة في التوظيف، وليس البحث عن وظيفة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي