الكتابة والكآبة

أعطيت نفسي إجازة من الكتابة الأسبوع الماضي. طلبت من الزملاء إيقاف مقالة كنت كتبتها الإثنين عن الطفلة رهام. ولم أكتب مقالة الأربعاء.
تفرغت بشكل أكبر لقراءة كتابات زملاء هنا وفي الصحف الأخرى. بدا أن طاحونة الكلام لا تتوقف. الكل يشعر بالغضب واللوم والعتب.
هناك قدر عال من الأسئلة المهمة، التي كان طرح بعضها قبل فترة غير متاح. لكن السؤال: ما نفع الكلام، إذا ما تحول إلى مجرد اجترار لحدث يتم التهافت من أجل النقاش حوله في الصحف وفي الفضائيات، ثم يتم الانتقال إلى موضوع آخر، وثالث ورابع وخامس.
يتناهب المرء أحيانا جملة أحاسيس: أولها السؤال عن سبب جمود الأوضاع في الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية؟ وقد يأتيك من ينبهك إلى أن الأمر مرتبط بنفق بيروقراطية حكومية لا يتيح للمسؤول مرونة في الحركة، فيتحول إلى مجرد حكم في مباراة يحاول من خلالها أن يستخدم الكرت الأصفر والأحمر، ولكنه لا يحمل في جيبه سوى ثلاثة أو أربعة كروت فقط، وعليه أن يدير المباراة بمقتضى هذه الكروت فقط.
الذي يحدث أن الميزانيات والأرقام ـــ مثلا ـــ هي كما قال مسؤول في إحدى الوزارات معظمها يغطي رواتب وعقود صيانة وعقود توفير خامات ومواد، وباقي الأرقام تتعلق بمشروعات تحتاج إلى فترة حتى تصبح حقيقة مشهودة.
حكم المباراة وهو الوزير في هذه الحالة يبقى محكوما بأبواب الميزانية التي تجعله يتأوه بصمت، ولكنه لا يتكلم. كثير من المسؤولين يهمسون بمثل هذه الكلمات، ويبدو أن هذه الإشكالية حقيقية، ولكن من يجرؤ منهم على الكلام بصوت مسموع؟!
هناك أنظمة وقوانين مالية تحتاج إلى مراجعة، وهناك عقود مبرمة تحتاج إلى جرأة في إلغائها، وهناك ديون من الضروري إطفاؤها، حتى تأتي الميزانية السنوية للوزارات كاملة الدسم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي