ماذا نريد من المجلس الاقتصادي الأعلى؟
قُوبل تعيين الدكتور ماجد بن عبد الله المنيف أميناً عاماً للمجلس الاقتصادي الأعلى، الأسبوع الماضي، بارتياح كبير؛ لكون الدكتور المنيف من القامات الاقتصادية العالية في بلادنا؛ ولمواكبته مسيرة المجلس كعضو في الهيئة الاستشارية لهذا الكيان المهم الذي يعتبر أعلى مرجع للشأن الاقتصادي في بلادنا.. كيف لا وهو برئاسة الملك وعضوية ولي العهد وجميع الوزراء والمسؤولين الذين يخططون ويديرون القطاعات الاقتصادية المختلفة، إضافة إلى هيئة استشارية من ذوي الكفاءة والتأهيل في مجال الاقتصاد من غير مسؤولي الحكومة يتم تعيينهم بأمر ملكي، ويبدو أن المجلس الذي أُسِّس عام 1426هـ قد انشغل خلال السنوات الماضية بوضع السياسات الاقتصادية لضمان نمو الاقتصاد الوطني بصفة منتظمة وضبط الدين العام والسيطرة عليه في حدود آمنة ومقبولة وتعزيز مقدرة الاقتصاد الوطني على التفاعل بمرونة وكفاءة مع المتغيرات الاقتصادية الدولية وكترجمة لذلك وصلت بلادنا إلى عضوية مجموعة العشرين التي تعتبر من أعلى المحافل الاقتصادية الدولية التي لا تضم في عضويتها إلا كبار اللاعبين في الشأن الاقتصادي العالمي.
واليوم نريد من هذا المجلس ومن الأمين العام الجديد أن يوجّه دفة الاهتمام للشأن المحلي بشكل أكبر لكي يحقق تقدماً أوضح في ترجمة المهام والأهداف التي وردت في السياسة الاقتصادية، ومن أهمها تحقيق زيادة فعلية في دخل الفرد مع المحافظة على استقرار الأسعار والأهم من ذلك توفير فرص العمل المنتج وتوظيف أمثل للقوى البشرية وتشغيلها.. والإسراع في تنفيذ برامج التخصيص التي لم يعد أحد يسمع عنها، ولنأخذ حالة الخطوط الجوية السعودية كمثال على ذلك مع الحاجة إلى تخصيصها لتحسين خدماتها التي يشتكي منها الجميع.
وعودة إلى موضوع الاهتمام بالشأن الداخلي وما يمس حياة المواطن أقول إن المجلس مدعو إلى عقد المؤتمرات والندوات لتحليل ما يواجه المواطن من أزمات بأسلوب مهني علمي غير ما تعوّدنا عليه من مؤتمرات أهم فقرة في برنامجها "تكريم الرعاة"، ولذا فإن الصفوف تكون مزدحمة في اليوم الأول للمؤتمر بموظفي الشركات الراعية، ثم تكون خالية في جلسات الأيام التالية لعدم الثقة بمدى مصداقية بعض ما يُطرح فيها من آراء وتحليلات.
ولكي تكتمل حلقة تشكيل المجلس من جميع الجهات الاقتصادية الفاعلة، فإن هيئة السوق المالية المسؤولة عن أهم نشاط يمس حياة شريحة عريضة من المواطنين يفضل أن تمثل في المجلس، إلى جانب مؤسسة النقد، فلكل منهما دوره وأهميته، وكذلك الهيئة العامة للاستثمار التي تعتبر النافذة الوحيدة لمعرفة حجم التدفقات الاستثمارية على بلادنا وتأثير ذلك في الاقتصاد الوطني.
وأخيراً، وكملاحظة شكلية لكن لها أهميتها، وهي موقع مقر المجلس الاقتصادي في مكاتب الديوان الملكي، وهذا أمر مبرر لكونه مرتبطاً مباشرة بخادم الحرمين الشريفين.. لكن ذلك لا يمنع من إيجاد مكتب آخر للأمانة العامة في وسط مدينة الرياض ليسهل الوصول إليه من الخبراء ورجال الأعمال والمواطنين الذين يريدون التواصل مع المجلس لأي هدف يخدم توجهات المجلس ويقرّبه من حياة الناس اليومية.