الإدارة بالنتائج .. مقياس حقيقي لتنفيذ المشاريع

في كتابي الذي انتهيت منه للتو والموسوم باسم ''جدة.. والجدادوة'' ذكرت أن بلدية جدة تأسست في القرن التاسع عشر باسم الحسبة، ثم تغير الاسم إلى بلدية جدة، وأخيراً وفقاً للتنظيم الإداري الذي اعتمده مجلس الوزراء الموقر جرى تطوير اسم البلدية إلى أمانة محافظة جدة. لكن مع ذلك، فإن الاسم الدارج على ألسنة الناس الآن هو ''البلدية''.
ورغم أن البلدية جهاز من أجهزة الدولة، إلاّ أنه متهم ــــ بحق وبغير وجه حق ــــ بالفساد والتقصير.
ونحن هنا لسنا في مجال محاسبة الجهاز على ماضيه المديد، لكن نحن بصدد متابعة إنجازاته غير المسبوقة التي حققها في السنوات الثلاث الأخيرة.
إن السجال بين الإدارة العامة في الحكومة، وإدارة الأعمال في القطاع الخاص كان وما زال ــــ في كل حقب التاريخ ــــ محل اهتمام علماء وفقهاء الإدارة في كل أنحاء العالم، وطبعاً كانت إدارة الأعمال تحقق دائماً السبق على الإدارة العامة عند الكلام عن الجودة ومعدلات الإنتاج، لكن ونحن نتحدث عن أمانة محافظة جدة نستطيع القول دون تردد إن بلدية جدة حققت في السنوات الثلاث الماضية مجموعة من الإنجازات الكفيلة بمحو تلك الآثار السيئة التي ظلت تدخرها البلدية لما ينوف على أكثر من 150 عاماً.
لقد كانت البلدية وما زالت طرفاً أصيلاً في مشاريع بدأت منذ 60 عاماً، وظلت هذه المشاريع ـــ للأسف الشديد ـــ تترنح وتتسول في محاريب الفساد والتأجيل والتدوير.
ورغم أنه لا يوجد في تاريخ بلدية جدة من يستحق الإشادة إلاّ الدكتور المهندس محمد سعيد فارسي.. إلاّ أن الدكتور هاني أبو رأس، الأمين الحالي، يعتبر ثاني اثنين يستحقان الثناء والتقدير على الإنجازات التي تحققت في الفترة القصيرة التي تولى فيها مسؤولية إدارة أمانة محافظة جدة وإن كان المؤمل أكثر مما تحقق.
ونعترف بأن إدارة أمانة جدة ليست من الأمور المتاحة بسهولة، فجدة تضم 56 منطقة عشوائية يسكنها مليون نسمة، وتبلغ المساحة الكلية لهذه المناطق نحو 50 كيلومترا مربعا، ولذلك حتى تتغلب البلدية على واقع مرير قامت البلدية بتصنيف العشوائيات إلى أربع مناطق، هي: منطقة لها مقومات استثمارية مع القطاع الخاص، ومنطقة ليس لها مقومات استثمارية، ومنطقة قادرة على التطور ذاتياً، وكذلك منطقة في حاجة إلى معالجة جزئية عاجلة، وأمام هذا الكوم الهائل من العوائق قدمت الأمانة بواكير أعمالها في مشروعين كبيرين لهما مقومات استثمارية كبرى مع القطاع الخاص، وهما مشروعا تطوير منطقة خزام وتطوير منطقة الرويس، ثم ها هي البلدية تدخل في المرحلة الأخيرة من تنفيذ مشاريع مياه الصرف الصحي، وتبني السدود لتصريف مياه السيول والأمطار، ها هي البلدية تكسر شوكة أزمات المرور عن طريق تنفيذ عديد من الأنفاق والجسور التي َسلّكت الشوارع من الزحام، وجعلت الشوارع المزنوقة بأرتال السيارات تنساب فيها المركبات كما تنساب المياه المتدفقة من الأعلى إلى الأدنى.
أمّا بالنسبة لتعبيد الطرق وأرصفتها وسفلتتها، فقد أصابت البلدية في التعاقد مع شركات تستخدم وسائل التقنية الحديثة حتى تسجل سرعة فائقة في كسب الوقت وتسجيل معدلات أعلى في تنفيذ المشاريع، ناهيك عن مشاريع الكورنيش الشمالي.
وآخر ما تحقق إداريا وفنيا التعاقد مع شركات عالمية متخصصة تحتل المراتب الأولى في قائمة أعلى 100 شركة في العالم في مجال إدارة المشروعات وساعدت هذه الشركات في وضع الأولويات والتخطيط للمشروعات الجديدة وتنسيق الأداء فيما بين المشروعات، وكذلك مراجعة الدراسات والتصاميم، وإعداد البرامج والخطط الشاملة، وتطوير العاملين وتدريبهم، الذين ارتفعت كفاءاتهم وزادت معدلات إنتاجيتهم.
إن الإدارة بالنتائج هي اللاعب الأكبر في كل الإنجازات التي حققتها أمانة جدة في السنوات القليلة الماضية، ويوم تغيب الإدارة الرشيدة يعود الفساد الإداري ويتجول في كل أوصال الإدارة وينزل بالأداء إلى الهاوية.
لقد استطاعت إدارة أمانة المحافظة أن تُنهي بعضا من مشاريع بدأت جدة في تنفيذها منذ 60 عاماً ونيف، وكانت ملفات هذه المشاريع تتسكع بين الأدراج وتتوه في روتين البلدية ذي الشهرة الفريدة!
والآن بدأ البعض يتندرون بالماضي الذي شهد حقبة من الروتين والتعطيل لم تشهده من قبل أي إدارة أخرى.
والمطلوب من أمانة محافظة جدة ألا تكتفي بما أنجزت، المطلوب من الأمانة أن تسعى دائماً إلى الكثير من التنفيذ حتى تستطيع أن تضع مدينة جدة في مصاف المدن المتقدمة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي