رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


هل تفلح بيانات القمم في تنمية المجتمعات؟

استضافت الرياض خلال الفترة من 9 إلى 10/3/1434هـ القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية، حيث حضر معظم رؤساء وقادة الدول العربية أو ممثلوهم، ومن خلال التغطية الإعلامية التي حصلت للقمة من نقل حي لخطب القادة ومنها خطبة خادم الحرمين الشريفين التي ألقاها نيابة عنه ولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز، وكذلك اللقاءات التي عملت مع عامة الناس في بعض الدول العربية، هذه القمة وما سبقتها من قمم سواء في الكويت أو في مصر جاءت في وقتها وفي ظرفها، لكن العبرة بالنتائج، وما يلمسه الناس على أرض الواقع، وليس ما يسمعونه من خطب وبيانات طالما سمعوا مثلها في القمم السياسية التي عقدت خلال العقود الماضية منذ تأسيس الجامعة العربية، لكنها -مع الأسف- لم تحقق ما يتطلع إليه الناس، وبالذات القضية المركزية قضية فلسطين القابعة تحت الاحتلال.
القادة في خطبهم، وكذلك الناس من خلال المقابلات معهم التي أجرتها القنوات الفضائية وفي مجتمعات عربية عدة عبروا عما يتطلعون إليه من تنمية وتحسن في الأوضاع المعيشية والاقتصادية ليعبروا من حالة الفقر والعوز إلى الحياة الكريمة، والناس لا يلامون على تطلعاتهم، فكل فرد من حقه أن يستمتع بما يتوافر في بلده من خيرات بدلا من حرمانها منها. تأملت في خطب القادة، خاصة بعض الدول التي تتوافر فيها مصادر طبيعية كالمياه، الغابات، المعادن، والثروات الحيوانية الهائلة، ومع ذلك يعيش نسبة كبيرة من أبناء هذه الدول في الفقر، ويعانون الأمراض لنقص الغذاء، وعدم توافر الدواء، ويفقدون الكثير من البنية التحتية كالكهرباء والماء النقي والطرق المعبّدة.
المراقب من حقه أن يتساءل: أين الخلل حين يكون الشعب فقيرا والبلد غنيا بالثروات؟ الحيرة تزيد في تفسير الواقع الغريب، خاصة إذا علمنا أن دولا أخرى خارج العالم العربي مثل كوريا، واليابان، وماليزيا لا توجد فيها ثروات كما في العالم العربي، لكنها تتفوق في واقعها الاقتصادي والمستوى المعيشي لمواطنيها، ولو أردنا تفسير هذا التباين بين دولنا، والدول الأخرى التي تتفوق اقتصاديا رغم ندرة مصادرها الطبيعية لوجدنا الاهتمام في بناء الإنسان من خلال المؤسسات التربوية والتدريبية هو العنصر الأساس في تحقيق مستوى اقتصادي جيد في دول دون أخرى.
عجز بعض الدول العربية عن الاستفادة من ثرواتها ومصادرها رغم تنوعها يعود لافتقاد الإنسان المؤهل القادر على التفكير الجيد والمنظم، كما أن الفساد الإداري الذي ينهش في جسد بعض الدول عامل رئيس في تخلف هذه الدول.
اقترح خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز خلال القمة زيادة رؤوس أموال المؤسسات العربية المشتركة بما لا يقل عن 50 في المائة، وذلك بهدف زيادة نشاط هذه المؤسسات والشركات، وبما يؤدي إلى خلق فرص عمل إضافية تسد نسبة من البطالة التي يعانيها الكثير من المجتمعات العربية.
المناخ الاستثماري السليم هو أحد أهداف القمم العربية التنموية، والمناخ السليم يتطلب استقرارا سياسيا وأوضاعا أمنية مستقرة، إضافة إلى الإدارة الجيدة الخالية من الفساد، وما لم توجد مثل هذه الظروف سيستمر الوضع الاقتصادي والتنموي في الدول العربية وفيما بينها ضعيفا، وسيعاني الناس في وضعهم المعاشي.
البيانات الصادرة من القمم جميلة، وتعبر عن رغبات وتطلعات الشعوب والمجتمعات، لكن السؤال المهم: هل يؤخذ في الاعتبار الشروط والمتطلبات التي تترجم هذه البيانات إلى واقع ملموس في حياة الناس بدلا من أن يشعر الناس بالإحباط، وفقدان الثقة بهذه القمم؟
القادة هم أصحاب القرار في أوطانهم فما الذي يحول بينهم وبين تنمية أوطانهم والنهوض بها، خاصة مع توافر مصادر النمو؟ هل منعتهم شعوبهم من ذلك وهي الشقية بالتخلف، أم أن هناك مصادر ضغط خارجية تحول دونهم عن فعل ذلك؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي