رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


هموم الغرب لم تعد نفطية .. عربية أو حتى إسرائيلية

الزائر إلى لندن في سبيل الزيادة في المعرفة وليس السياحة سيخرج اليوم بمحصلة مفادها أن تغيرا هائلا بدأ يطرأ على العالم. لقد أفل نجم بريطانيا العظمى التي في غضون نصف قرن تقوقعت من إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس إلى دولة تحاول جهدها أن تسير ولو ببطء.
ومع انكماش دور بريطانيا الاقتصادي والعسكري ــــ سيتم تقليص الجيش إلى 80 ألف مقاتل في نهاية هذه السنة ــــ تبقى لندن المدينة التي لا يزال لنبضها وقع على الاقتصاد العالمي وما قد ستؤول إليه الأمور.
ولندن مزدحمة بكل شيء، بناسها، بسياراتها وعماراتها ومتاحفها وملاعبها وما قد لا يخطر على البال. ولكن ما قد لا يحس به الزائر هو ازدحامها بشركاتها ومراكز أبحاثها ومصارفها وبنوكها وجامعاتها ومعاهدها.
لكثرة الشركات والمكاتب ولكثرة الحواسيب المربوطة على الشبكة العنقودية من الصعب على أسواق سيارات الأجرة استخدام أجهزة "جي. بي. إس." ولا سيما في مركز المدينة للازدحام الهائل في استخدام الهواتف والإنترنت.
واليوم يحكم بريطانيا حزب محافظ له شعبية لأنه استطاع تشغيل أكثر من نصف السكان ــــ نحو 30 مليون بريطاني ـــــ وهذا أكبر عدد من العاملين المسجلين في بريطانيا منذ عقود.
إذا ما الأمر الذي يؤرق قادة البلد وكبار المسؤولين فيه إن كانت البطالة بهذا المستوى المتدني والتشغيل بهذا المستوى العالي؟
أغلب الذين تحدثوا في منتدى جامعة أكسفورد للإعلام وأغلب الذين التقيتهم من كبار الإعلاميين والمسؤولين كانوا قلقين من مسألة واحدة وهي أن بلدهم لا يمضي إلى الأمام بالسرعة المطلوبة وإن قارنته بالصين والهند مثلا فهو لا يراوح مكانه بل يرجع القهقري.
المستقبل في نظرهم خطفه الصينيون والهنود والكوريون ويجب اللحاق بهم، أي جلب المستقبل إليهم وليس الانتظار كي يأتي دورهم.
الغرب برمته ــــ أوروبا وأمريكا ــــ يئن وقد أصابته الكرة الأرضية بصداع مؤلم لأنها لم تعد تدور كما كانت سابقا. الغرب الذي بلغ ذروة الرخاء يشعر اليوم بأن الأرض تحت أقدامه بدأت في الاهتزاز.
تتحدث الصحافة كثيرا بصورة مجازية سلبية عن "لعنة الإغريق". الكل يخشى ــــ وهو محق ـــــ أن مئات المليارات من الدولارات التي قدموها لإنقاذ اليونان ما هي إلا جرعة مؤقتة قصيرة الفعل وأنها مجرد مسألة وقت فقط قبل أن تحل اللعنة على الآخرين. ولهذا ترى أن الكل يحاول مسعاه لتجنبها.
اليوم عشرات وعشرات الآلاف من البريطانيين يتنقلون في شوارع لندن على الدراجات الهوائية. اليوم عليك أن تكون حذرا في شوارع لندن ليس من السيارات فقط بل كي لا تدهسك دراجة هوائية. قبل سنين قليلة كان من النادر أن ترى دراجة هوائية في وسط لندن. اليوم صارت جزءا من الحياة. كثير من الناس ترى أن أجور النقل العام المدعومة من الدولة صارت خارج إمكانياتها المادية.
نظام الحماية الاجتماعية الذي كان بمثابة المقدسات أخذت تطرأ عليه تغيرات جذرية. اللاجئ أو العاطل عن العمل عليه التكيف مع استقطاعات وإجراءات ربما كانت ستثير ثورة لو جرى تطبيقها قبل سنوات.
هموم الغرب اليوم ليست هموم الأمس. بالأمس كان النفط والدول المنتجة له ضمن نطاق الاستراتيجية الغربية. أما إسرائيل فكانت تقبع في قمة كل الأولويات.
الأولويات تغيرت. بالطبع لا تزال إسرائيل ضمن الاستراتيجية الغربية تتقدم كثيرا على العرب إلا أنها لم تعد تحمل عصا موسى السحرية.
وماذا عن العرب؟ العرب ودولهم ــــ وهذا ما استقيته من زيارتي الأخيرة للندن ــــ يُنظر إليهم اليوم كفتات استراتيجي.
ولكن هل عامل الغرب الدول العربية خارج نطاق كونها فتات لاستراتيجيته الكونية؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي