لماذا تنخفض فاتورة الأخطاء الطبية في مركز المعلومات الصحية؟
إذا ما ناقشنا المهام والمسميات والأعداد بالتفصيل بالنسبة للقوى العاملة فسيكون المرمزون Coders الأكثر أهمية في الوقت بين مختلف الوظائف الصحية والإدارية. هذه الفئة تحتاج إلى تنظيم عبر خطة طويلة المدى، وهذا يعني التعليم والتدريب، وبالتالي التأهيل والتصنيف، ثم الترخيص بالعمل، ضمن سلسلة خطة تطوير الموارد البشرية. قد نبدأ الآن بالاعتماد على الاعتراف الدولي ببعض الشهادات المتعلقة بـ ICD مثلا، ولكن فيما بعد لا بد أن يشمل الإلمام بنظم الترميز الأخرى المختلفة. من المهم الآن المبادرة بتنظيم القوى العاملة ومهامها في القطاع الصحي عموما، لأن زيادة الطلب على الخدمات الصحية، ونمو حجم المعلومات الصحية التي بدأت تتراكم بشكل مخيف في كل مرفق صحي، وتطور التقنية المتسارع عوامل يمكن أن تتدخل في توقيت جاهزية المشروع في وقت قصير.
بالحديث عن المعنيين أو المهتمين Stakeholders بالمجالات المختلفة في الشأن الصحي، فالمعنيون بالأخطاء الطبية لم يعودوا محصورين في المستشفيات والمراكز الصحية فقط. بل كل مقدم لخدمة صحية أو مساهم فيها أو موفر لأي من أدواتها أو أجهزتها أو أي من الوسائل الوقائية والعلاجية فلا بد أن تشمل في منظومة المركز، الذي هو الآن تحت مظلة مجلس الخدمات الصحية. من هنا سيقوم المجلس مع مجلس الضمان الصحي التعاوني بتعميم السجل الطبي الإلكتروني فيتم إيجاد نموذج يستفيد منه المريض ومقدم الخدمة، إضافة إلى صناع القرار الصحي في القطاع. هذا يتطلب أن تتحدث جميع المرافق مع بعضها بعضا باللغة نفسها تقريبا؛ مما يعني أن يتم إيجاد معايير محلية وطنية تقنن وضع السجل الطبي بشكل عام وقواعد البيانات والتطبيقات والحزم الضرورية في تشفير وفك شفرة الرسائل المنقولة في كل الاتجاهات بشكل خاص.
إن النقل والتبادل الإلكتروني للمعلومات الصحية لم يعد مشكلة بوجود البرامج الوسيطة Interfaces التي تعتبر معايير في حد ذاتها لتشفير وفك شفرة النظم المختلفة وإتاحة الفرصة للتخاطب بينيا وتكامليا عبر الرسائل المنقولة بين المواقع المختلفة أو فتح قواعد البيانات والمشاركة فيها وإمكانية تحديثها. ولكن على مشرفي إدارات تقنيات المعلومات أو مراكز المعلومات الصحية الفرعية أن يكونوا أقرب لإجراءات العمل اليومية لقياس الفاعلية والإنتاجية وضمان حقوق المريض وسلامته. قد يكون من الأنسب أن تضع الجهات المقدمة للخدمات الصحية خططها أمام المجلس لتتوافق الخطة العامة مع الخطط التفصيلية لكل جهة.
إن أهم ما يفترض توفيره في النظم الصحية المتكاملة المختلفة بالمرافق الصحية هو نظام دعم القرار؛ حيث به سيبني الطبيب قراره الطبي الصحي إلى حد بعيد وسيتم به تحديد المسؤول عن تكرار إجراء طبي، أو صرف دواء، أو القيام بتحليل مخبري خطأ. هذه العملية وبما أثبتته الأبحاث العلمية كفيلة بخفض الفاتورة بشريا وماليا أيضا، لأن النظام سيكون هو ما سيحول دون الوقوع في الخطأ الطبي بنسبة كبيرة.
تأتي أهمية المركز الوطني للمعلومات الصحية في تقليص بل يمكن أن يكون تلاشي الأخطاء الطبية بعد إصدار المنظمات والهيئات الصحية في عام 2005 حجما للمشكلة على مستوى العالم بلغ حدوث الخطأ الطبي لمريض واحد من كل عشرة مرضى. من ناحية أخرى، منذ بداية عام 2009 نشر عن الأخطاء الطبية وحولها من الأبحاث والتقارير الصحية ما جعلها تعتلي قائمة أولويات النظم الصحية على مستوى العالم. هذا بجانب قيام بعض الدول بتخصيص مؤتمر دولي يناقش تفاقم الحالات المختلفة مثل الذي سيقام في حزيران (يونيو) المقبل من هذا العام 2013، في أوكرانيا.
أما من ناحية التكاليف فيمكن أن تتكلف الدولة جراء معالجة الأخطاء الطبية ما بين 4 إلى 5 في المائة من ميزانية الدولة للقطاع الصحي وذلك بناء على تقديرات قياسية بالمقارنة مع دول غربية. وعلى صعيد الخسائر البشرية فعالميا تسجل في بعض الدول 5 إلى 7 وفيات لكل عشرة آلاف نتيجة الأخطاء الطبية، ولا نعرف كم هو حجم المشكلة لدينا؛ حيث لا بد من تحديد وحساب العلل الممكن تسبيبها للمرضى على المدى القصير أو الطويل بعد العمليات الجراحية، أو تناول دواء، أو تشخيص طبي خاطئ.. إلخ. كما يمكن إضافة ما يتراكم نتيجة القضايا المرفوعة ضد مقدمي الخدمات الصحية سواء حكومية أو أهلية؛ حيث إن في ذلك هدرا أيضا يمكن أن نتفاداه برفع مستوى التشغيل الإلكتروني بكل المرافق الصحية والمرافق المتعاملة مع المريض بشكل مباشر وغير مباشر.
هذا يقودنا إلى أن نبحث عن جودة الأداء منذ البداية لضمان تحقيق الأهداف في فترة قياسية. وبالتالي يمكن أن نركز على محاور ثلاثة هي: الهيكلة أو التركيب، والإجراءات النموذجية، ثم المخرجات أو النتائج؛ حيث يتيح هذا لنا بعد جمع المعلومات الأساسية مقارنة نظامنا الصحي بأنظمة دول عالمية عديدة، وأتوقع بعد تكامل جهود الجهات المقدمة للخدمات الصحية سنكون متقدمين عن دول كثيرة، لأننا نحاول دائما توفير جميع الوسائل الكفيلة بإنجاح مثل هذا المشروع الوطني المهم.