رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


المال.. بين السفه ولياقة التعامل معه

إلى أي حد نتعامل مع المال بالشكل الذي يجب، وبالصورة اللائقة التي أمرنا الله بها؟! سؤال كثيراً ما أطرحه على نفسي، وأجزم أن الكثير يطرحونه كما أطرحه. لماذا أطرح هذا السؤال؟ أطرح هذا السؤال كلما قرأت، أو سمعت، أو شاهدت حادثاً من الحوادث المروعة التي تتكرر مشاهدها نتيجة التفحيط الذي يمارسه الشباب. كما أتساءل أيضاً عندما أقرأ، وأشاهد مناظر السيارات الفارهة، التي يجوب بها الشباب العرب في العواصم الأوروبية خاصة لندن، وباريس، وليت الأمر يقتصر على الاستخدام المتحضر للسيارات، التي تبلغ قيمتها الملايين، بل إن السلوك اللامتحضر ألا وهو التفحيط نقله الشباب العربي إلى هذه الدول، وأصبحنا محل تندر، واستهزاء لا مثيل له، ومن حق من يتندر أن يرفع صوته، ويكتب، ويحتج، ويصف بأقذع الأوصاف، لأنه يرى مناظر تنافي الذوق السليم، ويرى أفعالاً يرفضها العقل، ويلمس نتائج سلبية تضر بالإنسان، والبيئة، وتزعج الآخرين، وتهدر المال، ولا ألوم القوم إن هم طالبوا بطرد من يمارس هذه الممارسات أو حبسه ومصادرة سيارته، لأن بلادهم غالية عليهم وأرواحهم كذلك.
المال الذي رزقنا الله إياه، واسترعانا عليه ليس من المقبول في أي شريعة، وتحت أي نظام أن يتم إهداره، والعبث به بهذه الصورة، التي أصبحت تتداول على شاشات التليفزيون، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، هل وفرة المال في يد هؤلاء ما يقودهم لهذه الأفعال، أم أن عدم إدراكهم قيمته وضرورة المحافظة عليه هي ما يدفعهم إلى هذه التصرفات المشينة؟! وهل هؤلاء الشباب حصلوا على المال بعد جهد، وتعب، أم أنهم حصلوا عليه بطرق ميسرة، وغير شرعية، ونظامية، تساؤلات كثيرة تصعب الإجابة عليها، لكن من المؤكد أن المال عند هؤلاء ليس له القيمة، التي يجب أن تكون، كما ورد في القرآن الكريم.
هل يدرك هؤلاء الشباب أنهم يسهمون بأفعالهم هذه في تشويه صورة أوطانهم ومجتمعاتهم ويسيئون لدينهم لأن الآخر يربط السلوك غير المتحضر بهذه الأشياء كلها، ولسنا في حاجة إلى مزيد من تشويه صورتنا عند الآخرين. وتحسن الإشارة إلى كتاب قام بترجمته مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت منذ سنين عديدة، وهذا الكتاب أُلف في بريطانيا وهو عبارة عن كل ما كتب في الصحافة البريطانية عن العرب، حيث تم تحليل مضمون هذه الأشياء وتبين أن ما ورد في الصحافة البريطانية خلال فترة الدراسة هو ترسيخ لصورة العربي الذي يتوافر لديه مال، ولا يعرف كيف ينفقه في أماكنه الصحيحة، ولذا يبذره في أمور تافهة كالقمار، والنوادي الليلية، والسيارات الفارهة، والنساء. حقاً إنها صورة مخزية تشكلت بفعل تصرفات أفراد مستهترين بالمال، والدين، ولذا لا يقيمون وزناً للآثار السلبية التي تحدثها تصرفاتهم. إن جهل هؤلاء، أو عدم مبالاتهم لا يعفي المجتمع من مساءلة، ومعاقبة هؤلاء، فالمال مال الأمة يفترض أن يوضع في أماكنه الصحيحة، وفعل هؤلاء لا تقتصر آثاره على هؤلاء بل تمتد إلى مجتمعاتهم، وأمتهم، ولذا لا بد من التفكير الجاد في برنامج عمل يرتقي بهؤلاء من التفكير السطحي الساذج إلى التفكير العميق، وهذا لن يتحقق ما لم تسهم المؤسسات التربوية والإعلامية، والثقافية في التركيز عليه، وإيلائه الاهتمام الكافي حتى لا تقع الأموال في يد سفهاء يسيئون استخدامها، ويشوهون بها صورة مجتمعهم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي