رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


هل من منقذ لسورية؟

نعم. ومَنْ غير خادم الحرمين الشريفين.
منذ انطلاقة هذا العمود لم أكتب كلمة واحدة في مديح أي زعيم عربي، ولم أذكر اسم أي من المسؤولين في المملكة. بالعكس كان هناك نقد لممارسات منها اقتصادية واجتماعية وسياسية في بلد الحرمين ذاته، ما يعكس هامش الحرية الكبير الذي يتمتع به هذا العمود.
ولكن اليوم وكمحب للعرب والمسلمين ومتشبع بحضارتهم، ومقدر ومثمن للدور الإنساني العظيم الذي لعبه نبيهم الكريم في تاريخ البشرية، والأثر المستديم لكتابهم السماوي في تغيير وجهة التاريخ، أرى لزاما عليّ من الناحية الأخلاقية والإنسانية، أن أخاطب خادم الحرمين الشريفين.
وبدءا أقول إن الملك عبد الله يستحوذ اليوم على مقدار كبير من الاهتمام في الصحافة العالمية، رغم بلوغه من العمر عتيا - أطال الله في عمره. وما قرأته أخيرا، ولا سيما بعد قراره الحكيم اختيار 30 امرأة لمجلس الشورى (البرلمان)، حيث تشكل المرأة السعودية اليوم 20 في المائة من مجموع 150 عضوا في المجلس، يؤشر إلى البصمات الإصلاحية الكبيرة التي تركها حكمه، التي سيخلدها التاريخ.
بيد أن ما أثار اهتمام الجهات الإعلامية والبحثية الغربية هو طريقة وتركيبة الخيار، حيث إن كل النساء في البرلمان اليوم - ربما عدا عضوة واحدة - يحملن درجة الدكتوراه، ومنهن من هي عَلَمٌ في اختصاصها ليس على المستويين العربي والإسلامي، بل على مستوى العالم.
وما يدور في بعض الأروقة - وأنقله للأمانة - أن كثيرين من أبناء وبنات بلد الحرمين لم يستوعبوا بعد ماهية وقيمة الإصلاح الذي قام به خادم الحرمين الشريفين. كل حركة إصلاحية قام بها تنطلق وتنبع من الإرث الذي تحمله المملكة كراعية وحامية للإسلام كفكر ودين وحضارة ومنهج.
ومن هذا المنطلق أدخل إلى الموضوع السوري. إن ما يحدث في سورية اليوم دمار منهجي وتكتيكي متعمد. سورية في الأشهر الـ 20 الماضية تقهقرت إلى ما قبل الثورة الصناعية. رجعت في أقل تقدير 100 سنة إلى الوراء.
اليوم يتم تدمير كل البنى التحتية والمؤسساتية والعرب ينتظرون الفرج من الغرب، والفرج لن يأتي لأن مصلحة الغرب المنافق لها هدف واحد: إن تقاتلت فئتان من العرب والمسلمين دعوهما حتى يدمران ويهلكان بعضهما بعضا.
والله لا أحمل حبة خردل من الميل صوب النظام وأدينه على ممارساته الشنيعة وأخطائه الكارثية، التي لولاها لما وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه، ولكن بعد كل هذا العنف الفظيع من قتل وتدمير وتهجير، صار من الواجب على العرب التحرك لوقف الاقتتال والحرب الدائرة في هذا البلد، لأن استمرارها لا يخدم إلا أعداء العرب والمسلمين.
ما يقع في سورية اليوم خارج عن نطاق ما يمكن تصوره من الناحية الإنسانية. بلد عربي ومسلم آخر يتحول ومن قبل أبنائه هذه المرة إلى أطلال وركام. لا يغرنك أن الدول غربية كانت أو عربية بإمكانها إعادته إلى ما كان. من الناحية الإنسانية جرى هدم الصرح الاجتماعي، ومن الناحية المادية ليس في مقدور ولا رغبة أي بلد أو مجموعة بلدان إعادة إعمار البلد. الغربيون مهتمون بشؤونهم ومصالحهم فقط. انظر كيف هرعوا لمساعدة اليونان، التي تعاني ضائقة مالية، وليس حربا أهلية مدمرة وقدموا لها معونة بلغت حتى الآن 316 مليار دولار. حجم التدمير في سورية قد يفوق ثمنه هذا المبلغ بكثير، ناهيك عن الضحايا حيث فاق عدد الفتلى 60 ألفا.
من يعتقد أنه سينتصر في هذه الحرب الكارثية مهزوم من الآن. المنتصر المزعوم لن يرث إلا بلدا قد تحول إلى ركام وحطام. فعن أي هزيمة أو نصر يتحدثون؟
ولا أعلم إن كان لي الحق في مخاطبة خادم الحرمين، ولكن هامش الحرية الممنوح لي في صحيفة سعودية منحني من الشجاعة أن ألتمس منه الدعوة إلى وقف هذا التدمير الممنهج لسورية، والطلب من الكل الدخول في حوار للخروج من هذا النفق الجهنمي، وعدم الانتظار لأن النار المشتعلة قد تحرق الدول المجاورة أيضا، وربما أبعد منها، لأنها نار تؤججها الطائفية والمصالح الدولية والإقليمية، ويدفع ثمنها الشعب السوري المسكين والمظلوم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي