هل يملك العرب القوة الاقتصادية التي تحقق التنمية المستدامة؟
استضافت المملكة أخيرا القمة العربية الاقتصادية التنموية الاجتماعية الثالثة في الرياض، وتأتي القمة في ظروف محيطة لم تهدأ بعد. البلاد العربية التي اجتاحتها أمواج ما عُرف بالربيع العربي، لم تستقر أو تهدأ بعد. الثائرون تحججوا كثيرا بالأوضاع الاقتصادية وحالات الفقر والبطالة المستشرية في تلك البلاد، كما في كثير من بلدان العالم التي تعاني الأمرّين من الواقع الاقتصادي. لكنهم يتناسون أن النتائج المالية والاقتصادية لن تتحقق بمجرد إزاحة تلك الدكتاتوريات، فتصحيح ما كان وفقا للظروف المحيطة يحتاج إلى زمن وتنازلات وتكاتف وتعاضد بين كل أطياف المجتمع الواحد، يرافقه تعاضد على مستوى الأمة العربية الواحدة.
الواقع الذي تعيشه الأمة العربية اقتصاديا لا يتوازى مع إمكاناتها البشرية وثرواتها الطبيعية. السياسة سعت بقصد أو دون قصد لإيجاد الفوارق وتجزئة المجتمعات وإيجاد الطبقيات بين الأمة الواحدة، حتى أضحى الاقتصاد عاجزا عن ردم الفجوات التي تعانيها شعوب هذه الأمة.
واقع التجارة الحالية بين مجموعة الدول العربية يعكس العجز الحقيقي في ميزان التكافل والتعاضد، حيث تشير الدراسات إلى أن حجم التجارة العربية البينية لا تزيد على 12 في المائة من إجمالي التجارة العربية مع دول العالم في حين تحقق التجارة البينية بين دول الاتحاد الأوروبي ما يقارب 70 في المائة.
آمال الشباب العربي تتعلق بنتائج وتوصيات هذه القمة التي يرعاها خادم الحرمين الشريفين ـ حفظه الله ـ الذي منحها دفعة للأمام من خلال الدعوة لزيادة رؤوس أموال المؤسسات المالية العربية والشركات العربية المشتركة القائمة بنسبة لا تقل عن 50 في المائة. هذه الزيادة ستسهم في دعم هذه المؤسسات لتوسيع أعمالها وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
أيضا أقر قادة الدول العربية خلال هذه القمة الاقتصادية اتفاقية استثمار رؤوس الأموال في الدول العربية بصيغتها المعدلة، مؤكدين حرصهم على إكمال متطلبات إقامة المنطقة الحرة الكبرى للتجارة العربية.
الناظر في نتائج هذه القمة يرى بوادر أمل كبيرة تكاد تتحقق برعاية استثنائية من حكومة المملكة الحريصة على لمّ شمل الإخوة وتحقيق التنمية الدائمة لمجتمعات تستحق أن تكون في مقدمة المجتمعات العالمية بما تملكه من ثروات بشرية وطبيعية.
ما يهم المواطن البسيط الآن أن يرى تحركا على المستوى الفني لتطبيق ما جاء من قرارات في هذه القمة، خاصة أنها أقرت من أعلى المستويات السياسية، ويجب أن تتنازل أجهزة مختلف الدول عن كثير من البيروقراطيات التي لا تخدم الوضع الاقتصادي المتسارع في عالمنا الحاضر، ونأمل أن نلمس نتائج هذه القمة وقد أثرت في حياة كل بيت عربي.