رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


لو كانت لدينا أرصفة مشاة لقلت الحوادث المرورية

ولم أر في عيوب الناس شيئا
كنقص القادرين على التمام

قول المتنبي ينطبق أشد الانطباق على كثير من أوضاعنا، ومن أوضحها تجاهلنا لأهمية وجود أرصفة مشاة في الشوارع، والداخلية منها خاصة. فأهميتها في الحد من مصيبتين: الحوادث والفوضى المرورية.
الكل يشتكي من كثرة الحوادث المرورية. الكل يشتكي من فوضى الحركة المرورية. وقلة تغوص في أسباب ذلك، وتهتم بمعالجة هذه الأسباب.
شوارعنا الداخلية خاصة ليس بها أرصفة مشاة. حملنا الوضع على أن نسير في وسط الشارع، حتى تعودنا على هذا الوضع الأعوج. وأصبحت كثرتنا لا ترى العيب عيبا.
وجود أرصفة لاستخدام المشاة هو من أهم عناصر السلامة لسببين: الأول أنها تقلل من احتمال تعرض المشاة لأخطار السيارات. والثاني أن وجودها يسهم في تعود الناس على استعمالها، والتعود يرفع حس الاهتمام بالسلامة وحس الانضباط المروري لدى الصغار وأفراد المجتمع على المدى البعيد.
إنني لا أدعي أن سير المشاة على الأرصفة يمنع نهائيا حوادث السيارات ضد المشاة، ولكن من المؤكد أنه يقلل احتمال وقوعها ويقلل عدد ونسبة المصابين من جرائها بدرجة كبيرة جدا، ومعلوم أن تقليل المفسدة مطلوب.
حسب ظني لا توجد لدينا أنظمة ومواصفات للأرصفة الآمنة والصالحة لاستعمال المشاة، وهذا عيب كبير. أما من جهة التنفيذ فإن الكل يعلم أن كثيرا من الشوارع عندنا خالية من الأرصفة أصلا، والشوارع المنفذ فيها أرصفة تتصف بأن أغلب أرصفتها لا تصلح أو لا تحفز المشاة على استعمالها، ولذلك اعتدنا صغارا وكبارا على استعمال قارعة الطريق أي السير فيما خصص لسير السيارات رغم خطورة ذلك. والخطورة تزداد كثيرا بالنسبة للأطفال حين خروجهم من وإلى البيوت والمساجد والمدارس.
إن الواحد منا يتعجب كثيرا حين لا يرى اهتماما بعمل أرصفة تعزل المشاة عن حركة السيارات، خاصة داخل الأحياء، وإن عملت هذه الأرصفة فإن أكثرها ممتلأ بالعيوب المانعة من استفادة المشاة منها على الوجه المطلوب، أي أن معظمها عمل بطريقة لا تصلح للمشي.
كون المشاة تسير في الشارع أو أن السيارات تقف على الأرصفة، هذا الوضع المقلوب له أثر تربوي سيئ خاصة عند الأطفال، حيث ينشأون على قلة الاحتراس والحذر، ويتربون على الفوضى. وهذه الفوضى التي يتربى عليها الصغار تجعلهم قليلي المبالاة لقواعد السلامة المرورية، حينما يكبرون ويتولون قيادة السيارات. يشتكي المرور وغيره من قلة الوعي. إن الوعي لا يولد بين ليلة وضحاها بل يكتسب عبر التعود عبر السنين، ولذا لا نستغرب أن تأثير حملات التوعية المرورية ضعيف لأن من شب على شيء شاب عليه. يجب أن نهتم بمعالجة جذور المشكلة، التي تعود الناس على أنماط سلوكية مرورية سيئة.
إن من العجب أن يوجد هذا العيب أصلا، رغم وضوح أنه عيب، ورغم سهولة تلافيه من المصممين والمنفذين.
هل يتدخل مجلس الشورى ويقترح نظاما يعالج الوضع؟ نرجو ذلك.
إننا نؤمن بالقدر خيره وشره، لكننا نؤمن أيضا بأننا مسؤولون عن تصرفاتنا، ونحن مطالبون باتخاذ الأسباب، وعمل الاحتياطات لدرء أو تقليل المفاسد. وبالله التوفيق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي