رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


قمم التفاؤل والإحباط

منذ 33 عاماً وقمم مجلس التعاون الخليجي تعقد بشكل سنوي، وأحياناً تكون هناك قمم استثنائية حسب الظروف التي تمر بها المنطقة، وقبل مجلس التعاون الجامعة العربية التي تأسست قبل 60 عاماً، وبالتحديد عام 1945 كان للقادة العرب صولات وجولات في قممهم. كم من الآمال تعلق على هذه القمم وعلى هذه اللقاءات التي يعقدها القادة؟!
الشعوب العربية لا تلام على آمالها لأن الواقع الذي تعيشه سواء في الجانب الاقتصادي والمعيشي أو في الواقع التنموي، أو في المجال السياسي؛ كلها أمور مهمة في حياة أي أمة من الأمم، لذا لا غرابة أن تكون الطموحات عالية قبل القمة، وقد يكون الإحباط شديداً بعد القمة إذا جاءت نتائج المؤتمر خلاف ما يتوقعه الناس من هذه القمة.
إحباطات الشعوب العربية التي يمر بها الناس، ليس لأنها لم تسهم في حل المشكلة الكبرى ألا وهي فلسطين، بل لأن القمم تحولت في كثير من المناسبات إلى محفل للشتائم والسباب بين القادة العرب، حتى إن هذه القمم أسهمت في زيادة الفرقة والشقاق والتباعد، بل القطيعة بين القادة، وإن لم يكن بين الشعوب.
عندما تأسس مجلس التعاون وللظروف الخاصة بنشأته التي وجدت في ذلك الوقت، كانت الطموحات كبيرة على هذا المولود الجديد ليشكل نواة تعاون ووحدة تكبر مع الوقت وتمثل نموذجاً يمكن احتذاؤه من قبل العالم العربي بأكمله، وقد وجد الاتحاد المغاربي فيما بعد لكن لم يصمد أمام الخلافات والنزاعات الشخصية التي تتناسى المصالح العليا وتغلب مصالح القادة. ومع ما تحقق من إنجازات إلا أنها تبقى أقل مما كان يؤمل، خاصة مع هذه التحولات السريعة والعميقة التي تشهدها المنطقة.
في قمة الرياض الـ 32 للمجلس دعا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى الانتقال من التعاون إلى الاتحاد بين دول المجلس، لكن بعض دول المجلس أرادت التريث لدراسة الموضوع، وهذا من حقها لكن السؤال الذي يطرحه الجميع لماذا هذا التردد؟! البحث في أسباب التردد في المشاريع الاقتصادية والسياسية والثقافية ربما يكشف لنا أن المصالح الخاصة لكل دولة قد تكون أحد الأسباب، فكل دولة تنظر من منظار خاص تتغلب فيه المصلحة الخاصة على المصلحة العامة لدول المجلس، ومع وجاهة هذا السبب إلا أنه على المدى البعيد، وفي زمن المفاجآت والتغيرات الدراماتيكية، لن تكون سياسة تغليب المصلحة الخاصة مناسبة، ذلك أن المصلحة الخاصة لن تحمي الدولة وكيانها ما لم تحتم وتستفد من إمكانات الدول الأخرى المكونة للمجلس، وهذا الاحتمال يتعزز مع إدراكنا واقع دول المجلس الهش في المكون السكاني لبعض دول المجلس، وكذلك اعتماد الدول بكاملها على النفط مع افتقاد المصادر الاقتصادية الأخرى والبديلة.
ثقافة دول المجلس التي يغلب عليها الثقافة الاستهلاكية والمفرطة في الاستهلاك، تشكل عامل ضعف لدول المجلس، ذلك أن السلوك العام السائد في دول المجلس يظهر من خلال البذخ والاهتمام بالمظاهر في الأثاث وحفلات الاستقبال والسيارات الخاصة والقاعات الضخمة الباذخة.
من أسباب تأخر، وربما تعثر بعض مشاريع دول مجلس التعاون المشتركة؛ ضغوط خارجية خاصة من دول لها علاقات خاصة مع بعض الدول كعلاقات اقتصادية خاصة تعطي دولاً كالولايات المتحدة أو بريطانيا أو غيرها من الدول النافذة أولوية في بعض المشاريع، كما أن الاتفاقيات الأمنية التي تربط دول المجلس مع دول أخرى قد تحول بين الدول والموافقة على مشاريع استراتيجية ضخمة مثل مشروع الاتحاد الذي طرحه خادم الحرمين الشريفين.
إن قابلية الاستسلام للضغوط الخارجية إشكالية كبيرة، ليس في تعثر المشاريع، لكن في بنية التفكير والثقافة التي قد تتحول مع الوقت إلى سمة وخاصية يصعب التخلص منها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي