«رعاية»: الرعاية الصحية في المملكة قطاع واعد يفتح شهية المستثمرين
يشهد قطاع الرعاية الصحية في المملكة اتجاهاً متصاعداً من النمو، وتغيراً لافتاً من التوسع والتطور، مدفوعاً بسلسلة من العوامل والمحفزات المرتبطة بالزيادة السكانية العالية، وارتفاع مستوى المعيشة، والتوسع الجغرافي المتسارع للمدن، عدا عن تنامي أمراض العصر المزمنة، في الوقت الذي تسجل فيه معدلات الإنفاق الحكومي على قطاع الرعاية الصحية ارتفاعاً متواتراً وصلت نسبته إلى 100 في المائة خلال الفترة من 2004 إلى 2010.
وسجلت ميزانية عام 2013 والتي تم إقرارها أخيرا نمواً في حجم الإنفاق الحكومي على القطاع بنسبة 15.6 في المائة عن مخصصات العام السابق وصولاً إلى 100 مليار ريال، ليستحوذ بذلك على نسبة 12 في المائة من إجمالي الإنفاق العام. وستخصص الميزانية الحكومية الموجهة لقطاع الرعاية الصحية لبناء 19 مستشفى ومركزا صحيا جديدا في أنحاء البلاد، تضاف إلى 102 مركز قيد الإنشاء حالياً.
#2#
ويرى عثمان أبا حسين الرئيس التنفيذي للشركة الوطنية للرعاية الطبية "رعاية" أنه وعلى الرغم من الجهود الحكومية الحثيثة للنهوض بقطاع الرعاية الصحية في المملكة، وتلبية الاحتياجات المتنامية للخدمات العلاجية، والتي يعكسها النمو المتصاعد لحجم الإنفاق المخصص لتعزيز الطاقة الاستيعابية للبنية التحتية من المستشفيات والمراكز الصحية، إلا أن البنية التحتية الحالية ما زالت غير كافية لمواجهة المتطلبات الصحية للسكان، وتقل مستوياتها بكثير عن المستوى العالمي، في إشارة إلى أن عدد الأسرّة في المملكة المخصصة لكل 1000 شخص يبلغ 1.7 سرير، أي ما يمثل سريراً واحداً لكل 575 شخصا، في حين يبلغ عدد الأسرة وفقاً للمتوسط الدولي 3.1 سرير لكل 1000 شخص.
ويؤكد أبا حسين الذي تمتلك وتدير شركته مستشفيين من أكبر وأقدم مستشفيات القطاع الخاص في الرياض، أن الإنفاق الحكومي وحده غير كافٍ لسد الفجوة بين معدلات الطلب والعرض القائمة في القطاع الصحي. فبرغم المساعي الحكومية المستمرة لزيادة عدد الأسرة في مستشفياتها العاملة، إلا أن واقع الحال يفرض حتمية تشجيع الاستثمار في قطاع الرعاية الصحية الخاص، من خلال تحديث بيئة التشريعات واللوائح المنظّمة، وتوسيع شبكة التأمين الصحي الإلزامي، وزيادة الحوافز للمستثمرين.
ووفقاً لأحدث الإحصائيات والدراسات فإن الخطة الحكومية على صعيد تنمية القطاع الصحي تقضي ببناء 117 مستشفى و750 مركزاً للرعاية الصحية الأولية خلال السنوات الخمس القادمة لزيادة عدد الأسرة، ومع ذلك فإنه من المرجح أن تبقى النسبة المخصصة لكل 1000 شخص من الأسرة دون النسبة الموصى بها عالمياً، إذ إن المملكة تعاني في الوقت الراهن نقصا يبلغ نحو 16880 سريراً دون الأخذ في الاعتبار الاحتياجات المستقبلية، حيث بلغ عدد المستشفيات في المملكة 415 مستشفى بطاقة استيعابية قدرها 58120 سريراً، في حين تصل الاحتياجات الحالية إلى 70,000 سرير.
وبحسب أبا حسين فإن جزءاً كبيراً من مسؤولية سد الفجوة في عدد الأسرّة يقع على عاتق القطاع الخاص، وتقتضي زيادة عدد الأسرة التابعة له بنحو ثلاثة أضعاف من أجل تلبية الطلب الحالي فقط دون التطلع إلى الاحتياجات المستقبلية. حيث تمثل منشآت الرعاية الصحية الخاصة في المملكة ما يقارب 30 في المائة من مجموع منشآت الرعاية الصحية، وعلى الرغم من النمو السريع في عدد المرضى ومراجعي العيادات الخارجية الذين يعتمد عليهم معدل النمو في قطاع الرعاية الصحية الخاص بشكل رئيس ووصلت نسبته السنوية المركبة خلال الفترة من 2004 – 2010 إلى 10,8 في المائة ، إلا أن توسع القطاع الخاص في استحداث منشآت جديدة ما زال دون المستوى المأمول.
ووفقاً لمؤشرات أداء منشآت الرعاية الصحية الخاصة، فقد حقق القطاع نمواً لافتاً في حجم الإيرادات خلال السنوات الماضية، حيث سجلت إيرادات التنويم ارتفاعاً بلغت نسبته 195 في المائة ووصل إلى أكثر من خمسة مليارات ريال، في حين حققت العيادات الخارجية الخاصة إيرادات تجاوزت 7.5 مليار ريال وبنسبة نمو بلغت 173 في ، في الوقت الذي تمركزت فيه معظم تلك الإيرادات في منشآت المدن الرئيسة وتحديداً جدة والرياض، حيث استحوذت مدينة الرياض على ما نسبته 16.9 في المائة من إجمالي إيرادات التنويم خلال عام 2010، وعلى ما نسبته 28 في المائة من إجمالي إيرادات العيادات الخارجية في القطاع الخاص على مستوى المملكة.
ويرى أبا حسين أن مدينة الرياض مرشحة لتحقيق معدل نمو كبير في قطاع الرعاية الصحية الخاص خلال السنوات القليلة القادمة، حيث تتمتع بجاذبية استثمارية كبيرة بالنظر إلى ثروتها البشرية وإمكاناتها التنموية، وبالمقابل فإنها تعاني نقصا شديدا في عدد الأسرة قياساً بحجم الإقبال المتزايد على مستشفيات العاصمة ومن كافة أنحاء المملكة نتيجة تميز مستوى خدماتها وسمعتها المرموقة وشمولية خدماتها.