قطع غيار السيارات.. المؤسسات الصغيرة والمتوسطة
تعد تجربة تنظيم معرض القوات المسلحة لتصنيع قطع غيار السيارات الذي عقد أخيرا في المنطقة الشرقية من التجارب البناءة والاستراتيجية التي تعزز الصناعة السعودية، حيث تنوعت الجهات المشاركة في هذا المعرض كأرامكو وسابك والمؤسسة العامة لتحلية المياه وغيرها من الجهات التي بينت مساهمتها في نقل التقنية وتوطينها وإبراز جهود القوات المسلحة في هذا المجال والشراكة مع القطاع الخاص لتحقيق الأهداف الاستراتيجية المتمثلة في أهمية التصنيع المحلي لقطع غيار المعدات، والاكتفاء الذاتي بتصنيع أغلب قطع الغيار للمعدات، حيث شكّل المعرض فرصة ثمينة للقطاع الخاص لتصنيع مختلف احتياجاته من المعدات وقطع الغيار، إلى جانب تسليط الضوء على تأهيل المصانع الوطنية لتصنيع قطع الغيار محلياً، ودعم الصناعة الوطنية وتطوير الإنتاج بما يتوافق مع المعايير والجودة والمواصفات العالمية المطلوبة، بفتح قنوات تعاون مشترك بين الوزارات والشركات والمصانع المحلية والقطاع الخاص، والاستفادة من القدرات والإمكانات المحلية، وإيجاد علاقة استراتيجية مع القطاع الخاص طويلة المدى في مجال التصنيع المحلي، وتعزيز التواصل بين الوزارات والمصانع الوطنية لتوطين الوظائف وصناعة قطع الغيار لمحاولة اكتفاء المملكة الذاتي بتصنيع أغلب قطع الغيار المستوردة . هذه التجربة أو هذا المعرض يفتح لنا آفاقا جديدة ويقودنا إلى طريق لتعزيز القيمة المضافة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، هذا الطريق الذي يجب أن تتبناه وزارة التجارة والصناعة بصفتها المرجعية الأولى للصناعة في المملكة، وذلك لرسم وبناء خريطة طريق لهذه المؤسسات وتحديد أهداف معينة مرتبطة بجدول زمني واضح ومحدد للقطع التي يجب تصنيعها من خلال بناء مركز معلومات للقطع المستوردة وتصنيفها التصنيف المناسب الذي يمكن أن يكون مرجعية لكل مستثمر خصوصا المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، كي تتم المبادرة بإنشاء المشاريع الخاصة بهذا المجال، ومن ثم مساعدة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من خلال تأهيلها للتوريد لكافة وزارات الدولة والشركات التي تملك الدولة فيها نسبة 51 في المائة وإلزامها (الوزارات والشركات) بالشراء من تلك المصانع على الأقل لفترة خمس سنوات، إلى جانب تبني آلية دعم واضحة كالأراضي الصناعية أو المباني الجاهزة بأسعار تشجيعية لفترة محددة وتمويل من صندوق التنمية الصناعية بأسعار أفضل وفترة سماح مناسبة وتمديد فترة السداد، وإحداث تطوير على آلية صرف مستحقاتها المالية من قبل وزارة المالية بما يضمن تحقيق الهدف المنشود مع إلزامها بتوظيف الشباب السعودي كشرط للحصول على الدعم، إضافة إلى حث الجهات المعنية التي تعاني ارتفاع الأسعار وتأخير التوريد لقطع الغيار المستوردة على الإسهام في نشر فكر تصنيع قطع الغيار محليا، إضافة إلى ممارسة الضغوط علي الشركات العالمية الموردة للأنظمة والماكينات في المشاريع الكبرى للقبول بشرط الموافقة على تصنيع قطع الغيار محليا مقابل التزامها بفحص واختبارات الجودة.
إن مثل هذه الخريطة التي ستعزز وضع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بشكل كبير لن ترى النور أو تحقق الأهداف المرجوة منها إلا بصدور قرار من مجلس الوزراء باعتمادها وإعطاء وزارة التجارة والصناعة الصلاحيات والمرجعية الكاملة لتحقيقها، وبذلك نكون قد أمنا قطع الغيار المطلوبة خصوصا في حالة الطوارئ وبالسرعة المناسبة، وعملنا على تطوير ونمو قطاع مهم كقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ووظفنا الشباب السعودي خصوصا الفتيات منهم، لاعتقادي أن صناعة كهذه من الممكن أن تكون مجالا خصبا لتوظيف السعوديات اللاتي يمثلن النسبة الأكبر في مكون البطالة لدينا، خصوصا إذا وفرنا لهن الأجواء العملية التي تحفظ خصوصيتهن وفق الشريعة السمحة وبإشراف وزارة العمل.