رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الشؤون الاجتماعية وزارة ولكن!

رغم أن الشؤون الاجتماعية دورها الأساسي هو رعاية المعوقين واليتامى والمعنفين وذوي الحاجات، إلا أن أداءها المتواضع يجعلني أقول عنها بثقة إنها وزارة تعاني إعاقة في أداء مهامها وعجزها عن القيام بواجباتها الطبيعية كما يجب.
وزارتنا الموقرة والتي تمثل أملا عظيما لأصحاب الحاجات تسجل فشلا متصاعدا ومحيرا في كل ملفاتها الاجتماعية دون مبالغة، وأزعم أنها خلال الأسابيع الماضية تحديدا تصدرت المشهد الإعلامي وشبكات التواصل الاجتماعي بأحداث الإخفاق التي سجلتها دون تفسير مقنع لما يحدث.
ولا أجد عذرا للقائمين عليها، فالوزارة لا تعاني نقصا في ميزانيتها كما كان يحدث في السنوات السابقة، ولا تعمل تحت ضغوط اجتماعية وإعلامية كوزارة التربية - مثلا - التي يتجاوز منسوبوها 400 ألف موظف وتتعامل مع 4 ملايين طالب وطالبة بشكل يومي، كل ما تشرف عليه مجموعة من الدور المخصصة للأيتام واليتيمات ومجموعة مراكز للمعوقين، ومع هذا تفشل فشلا ذريعا في التصدي لمهمتها الوطنية.
ففي ملف الأيتام سجلت الوزارة مواقف مؤلمة تثبت عدم قدرتها على إدارة هذا الملف بشكل يتناسب مع هذه المهمة الإنسانية ومن قرأ التحقيقات الصحفية عن الممارسات اليومية في هذا الدور وعن طبيعة البرامج المقدمة للأيتام واليتيمات ومدى ما يوفر لهم من رعاية يجعلنا نستشعر الخطر المقبل من مخرجات هذه الدور التي حولتهم الوزارة إلى أفراد ناقمين على مجتمعهم وعلى أنفسهم بسبب الخطط العقيمة التي تنتهجها الوزارة في التعامل معهم عبر سنوات متراكمة من الأداء ''البيروقراطي'' الرتيب، ومن المخجل حقا أن هؤلاء الأيتام الذين تغلق عليهم الأبواب، وتمنع عنهم كل وسائل الترفيه البريء، وتعاقبهم بالنوم فوق ''البلاط'' دون ''لحاف'' حين ضجوا بالشكوى بادر بعض منسوبي الوزارة ومسؤوليها في الميدان بتبني فكرة مقاضاتهم، وفكرة كهذه أجدني عاجزا فعلا عن التعليق عليها أو تفسيرها، وأتساءل: مَنْ يعمل لدى الوزارة؟ هل هم اختصاصيون نفسيون واجتماعيون أم قساة بلا رحمة؟
وفي ملف المعوقين والمعوقات ما زالت الوزارة في تلك المباني المتهالكة التي تسميها ''مراكز تأهيل'' يعاني المعوق فيها صنوف الإهمال من نقص الأجهزة، وقلة الكوادر المختصة وندرة البرامج التأهيلية، وضعف الرقابة، وتسلط العمالة الوافدة على المعوقين، وسجلت مراكزها من نجران جنوبا إلى تبوك شمالا ومن الدمام شرقا إلى الطائف غربا حوادث مخجلة من وفاة عشرات المعوقين، والاعتداء على آخرين بدنيا وجنسيا، ولم تحرك الوزارة ساكنا وكل ما فعلته لجان تحقيق شكلية للاستهلاك الإعلامي بعد كل كارثة تنشر حول وفاة معوق أو الاعتداء عليه، حوادث لا يصدقها العقل، وفاة أكثر من 7 معوقين في المدينة بإهمال صريح، معوق يبقى مفقودا 3 أيام ولا أحد يعلم عنه شيئا ثم يكتشفه المارة يتسكع في الشوارع، ومعوق تكسر يده بتعنيف صريح من موظف، ومعوق آخر يتم الاعتداء عليه جنسيا من قبل عامل نظافة وغيرها مما نشر وما لم ينشر بالتأكيد أعظم.
هل هذه هي رسالة الوزارة في رعاية المعوقين؟ لقد قابلت قبل عامين بعض المعوقين في التشيك الدولة ذات الإمكانات المحدودة يتلقون برامج مختصة في الرعاية والتأهيل الجسدي والنفسي، وشكوا لي بمرارة من تجاهل الشؤون الاجتماعية ولم يجدوا لديها سوى الوهم والرفض الصريح لمساعدتهم تحت بنود متكررة من التعليمات ''البيروقراطية''.
ينتظر المعوق شهورا حتى يحصل على كرسي متحرك، ويبقى المعوق سنوات في مركز تأهيل متهالك لا تتوافر فيه أبسط مقومات التأهيل ويخرج ولم يحقق شيئا، ولا أعرف ما الذي يمنع الوزارة من تشييد مراكز نموذجية ترعى المعوق وتصون كرامته؟
أما ملف الضمان الاجتماعي فرغم أهميته في دعم التكافل الاجتماعي، وتقليص الفوارق الاجتماعية لمن أجبرتهم ظروف الحياة على أن يكونوا تحت مظلة الضمان ففيه من الأسئلة والتناقضات ما يحير فعلا فعلى الرغم من أن الأموال المرصودة للضمان من مخصصات الزكاة تتجاوز 20 مليارا سنويا حسب إحصائية مصلحة الزكاة للعام الماضي، إلا أن الوزارة تمارس سياسة ''القصقصة'' والصرف بـ''القطارة'' بعد تجاوز محطات طويلة من المشاهد والتعليمات والأوراق والأختام وطوابير الانتظار وفي النهاية 800 ريال للمستفيد! نعم 800 ريال شهريا كما هي منذ سنوات، زاد كل شيء إلا مخصصات الضمان وتناست الوزارة ان وزارات مماثلة في دول أخرى تمنح رعاية متكاملة مادية، وصحية، وتعليمية، واجتماعية، لهذه الفئات وتعطي بلا حدود وتطور برامجها بشكل دوري، وحتى ما سمته الوزارة ''المساعدات السنوية'' وجدت ضمن ضوابطها أنها تصرف كل عامين. يا الله! هل يستطيع المحتاج أن ينتظركم عامين يا من اخترعتم تلك الشروط التعجيزية وحرمتم الناس من الاستفادة مما يستحقونه؟
من يتابع سياسة الوزارة في إدارة الملفات السابقة يشعر بالحيرة وكأن الوزارة لم توكل الدولة لها مسؤولية رعايتها.
ولا تتسع مساحة المقال للحديث عن ملفات أخرى مثل صندوق مكافحة الفقر، والجمعيات الخيرية، ومؤسسات المجتمع المدني، وملف الحماية الأسرية، لأقول بوضوح: مَنْ يعيد لنا وزارة الشؤون الاجتماعية؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي