أمراء المناطق والوزراء .. وجلسات للعصف الذهني

عرف مصطلح (العصف الذهني) في الغرب مبكراً كطريقة جماعية لبحث المشكلات ويعتمد على طرح الأفكار وتجميعها والاستفادة من بعضها لحل مشكلة أو مشكلات معينة .. واستوردنا في العالم العربي هذا المصطلح أخيراً، ولكننا لم نجلب معه الجدية والمهنية والشفافية التي يتعامل بها الآخرون عند عقد جلسات العصف الذهني .. ولقد شاركت أخيراً في جلسات من هذا النوع عقدتها شركة استشارية عالمية لي علاقة عمل معها وشارك فيها شركاؤهم ومديروهم في العالم وكانت لمدة يومين فقط من التاسعة صباحاً حتى الخامسة عصراً مع توقف نصف ساعة للغداء .. وقد أنجز المجتمعون الكثير لأنه لا وجود للهاتف الجوّال والانشغال به استقبالاً للمكالمات أو قراءة للرسائل أو إرسالها، كما نفعل نحن في اجتماعاتنا .. ولم أشاهد مقاعد خالية لخروج أصحابها خارج القاعة لأمور غير ضرورية .. وكانت المناقشات صريحة وشفافة والتوصيات محددة بالتواريخ وأسماء الأشخاص المكلفين بإنجاز المهام في تلك المواعيد .. وكم تمنيت أن يكون لأمراء المناطق والوزراء جلسات عصف ذهني من هذا النوع إلى جانب جلسات الاستقبال الرسمية التي لا مجال فيها لطرح المقترحات والأفكار، ثم تذكرت أن الأمير سطام بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض، بادر في مناسبات اجتماعية، حضرت بعضها، بطرح أفكار وطلب آراء الحاضرين حولها مما جعل الكل يشارك ويطرح أفكاراً أخرى على الأمير الذي رحب بها مؤكداً أن الإمارة ليست الأمير فقط وأن لمشاركة المواطنين بأفكارهم الأثر الكبير في تحسين مستوى الخدمات التي تقدم لهم. كما أن الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرّمة، عقد لقاءات عدة من هذا النوع الذي يشبه جلسات العصف الذهني وهو ما سُمي بأسبوعيات المنطقة.
وفي جلسة أعتبرها من جلسات العصف الذهني بامتياز التقى مجموعة من رجال الأعمال والإعلام في منزل المهندس علي الزيد، الأمير سعود بن عبد المحسن أمير منطقة حائل، وكانت الصراحة والشفافية شعار هذه الجلسة واستمرت المناقشات في المجلس، ثم على مائدة العشاء، وأخيراً حول موقد النار في (شبة حائلية أصيلة)، ومن هذا العصف الذهني كلف الأمير اثنين من الحاضرين بوضع الخطوط العريضة لخطة استراتيجية تؤمن استقطاب المزيد من الاستثمارات لمنطقة حائل، وخاصة في المجال الصناعي، بعد تذليل العقبات كافة التي أثيرت في أثناء المناقشات، ومنها توفير البنية التحتية مثل الأراضي والكهرباء وغيرها من متطلبات المناطق الصناعية.. وهكذا ننتظر نجاح حائل في المجال الصناعي بعد أن سجلت حضوراً لافتاً في مجال السياحة وفي مجال الزراعة أيضاً.
وأخيراً: المؤمل من بقية أمراء المناطق والوزراء أن يخصّصوا جلسة شهرية على الأقل للعصف الذهني بحيث يتم اختيار مَن يستطيع إثراء هذه الجلسات بالآراء والمقترحات، ففي مواطني هذه البلاد مَن لديهم القدرة والرغبة في أن يسهم بفكرة سواء حسب تخصّصه أو بشكل عام في دفع عجلة التنمية إلى الأمام، وسيجد أمراء المناطق والوزراء أن المواطن خير مستشار لهم؛ لأنه من هذه الأرض وإليها وهو الذي يعيش الواقع الحقيقي ويقدم الرأي الصريح بلا تجميل أو مجاملة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي