رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


هل تستحق أوروبا جائزة نوبل للسلام؟

الاحتفالات الصاخبة التي حدثت هنا (في السويد والنرويج) هذا الأسبوع، التي جرى فيها توزيع جوائز نوبل الشهيرة، كانت بالنسبة لي مؤرقة ومملة وتشير في كثير من مناحيها إلى نفاق الغرب وازدواجيته ولا سيما في تعامله مع الآخرين.
وقبل أن نتهم بأننا ضد كل شيء غربي، يجب علينا التمييز بين الخلق والإبداع الإنساني الذي يجب أن يكرم ويحترم ويحتفى به، وبين البذخ المفرط والازدواجية والنفاق في التعامل.
ولهذا فإنني أرفع القبعة للأشخاص الذين نالوا هذه الجائزة الشهيرة هذه السنة في حقول الفيزياء والكيمياء والطب والأدب والاقتصاد، فالإنسانية مدينة لهم كما هي مدينة أيضا للذين سبقوهم. ولكنني أستهجن، لا بل أمقت البذخ المفرط الذي جرى ضمن الاحتفالات التي أقيمت في كل من ستوكهولم وأوسلو، لأنها من وجهة نظري (وقد أكون مخطئا) تعبر بشكل سلبي عن إنسانيتنا كمجتمع بشري كبير، يجمعه كوكب صار مثل قرية صغيرة من جراء التطور الهائل في تكنولوجيا الاتصالات.
وإن أخذنا جائزة نوبل للسلام التي منحت هذه السنة للاتحاد الأوروبي (دول أوروبا الغربية)، فإننا سنكون أمام مفارقة تاريخية واجتماعية وإنسانية يشوبها كثير من النفاق والازدواجية والظلم. ولكن دعنا نتحدث عن الاحتفالات أولا ومن ثم نعرج على جائزة السلام.
هذه أول سنة أتابع الاحتفالات الضخمة والباذخة التي تعقد في كل من السويد (حيث تمنح جوائز الفيزياء والكيمياء والطب والأدب والاقتصاد) والنرويج (حيث تمنح جائزة السلام).
من الخصائص المهمة والحيوية التي تمتاز بها دول شمال أوروبا هي حرية واستقلالية إعلامها. وأنا أتابع التلفزيون السويدي وهو ينقل الاحتفالات، انتابني شعور من الزهو خفف عني ثقل وهول النفاق والازدواجية، ولا سيما في منح جائزة السلام.
فشكرا للمذيعين والمذيعات الذين متعونا بوصف البذخ والإسراف. وكم كانوا رائعين عند ذكرهم عدد قناني النبيذ والشمبانيا وغيرهما التي سيتجرعها المحتفلون وكم تساوي بالأطنان والكيلوجرامات، وكم حصة كل من المدعوين، وأظهروا لنا، وأظن أنهم متعمدون في ذلك، الأطباق وأصناف الطعام والفواكه والحلويات التي سيأكلونها وقيمتها الغذائية وطعمها، وكانت الكاميرات تتنقل من سفرة طعام إلى أخرى ومن ثم إلى أفواه المحتفلين (بينهم أغلب الزعماء الأوروبيين وزوجاتهم)، وإلى المطابخ الضخمة والطباخين والخدم والحشم والجدور والملاعق والسكاكين والخواشيك وغيرها.
ولكن ما أدهشني هو التعامل المهني مع الاحتفال، حيث نظر إليه التلفزيون السويدي والعاملون فيه وكأنه خبر - ليس عليهم فقط نقله كما هو - بل وضعه ضمن سياقه الإنساني العام. فأمام هذا البذخ أخذنا المذيعون إلى الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعانيها كثير من الدول الأوروبية والفقر والبطالة التي تجتاح بعضها، ولم ينسوا ذكر ما تتعرض له بعض مناطق العالم من مجاعة.
وعند ذكر جائزة السلام ونقلهم الاحتفالات الصاخبة التي جرت في أوسلو، والتي حضرها كبار زعماء أوروبا، كانت الكاميرا تتنقل بين الفينة والأخرى إلى خبراء ومختصين في التاريخ والسياسة والإعلام وشؤون السلام.
أغلبية هؤلاء المتحدثين شجبوا منح أوروبا الغربية جائزة السلام، لأنها - وإن خلقت السلام لنفسها في السنوات الخمسين الماضية بعد حروب كارثية - فإنها وسياساتها كانت وما زالت سببا في حروب طاحنة وأزمات كبيرة في مناطق أخرى من العالم.
وذكر هؤلاء دور بريطانيا وإيطاليا وإسبانيا مثلا في حرب العراق التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من العراقيين الأبرياء، ودور فرنسا في بعض الحروب المدمرة في إفريقيا، ودور صادرات أوروبا من الأسلحة في تأجيج الصراعات والحروب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي