رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


رسوم العمالة .. ليت التجار يشدُّون من عضد الوزير والمواطن

أحدث مشروع المهندس عادل فقيه وزير العمل بزيادة تكلفة العمالة الأجنبية ردود أفعال غاضبة من قبل رجال الأعمال الذين عقدوا الاجتماعات، وأرسلوا التحذيرات، وقرروا رفع الأمر إلى المقام السامي لكي يتخذ الإجراء المناسب لوقف تنفيذ هذا المشروع.
ويبدو أن أحسن الطرق لمعرفة جذور مشكلة العمالة الأجنبية هو العودة إلى بداياتها الأولى، فقد بدأت قوافل العمالة الأجنبية تفد إلى بلادنا منذ عام 1975، أي منذ بداية خطة التنمية الثانية حينما تضاعفت أسعار البترول وتضاعفت موارده، واتخذت الدولة قرارات زيادة الإنفاق الحكومي وتنفيذ كثير من مشاريع البنى التحتية.
ومنذ ذلك التاريخ أخذت العمالة الأجنبية تتدفق - بشكل عشوائى - إلى المملكة باحثة عن الوظائف الشاغرة في سوق العمل السعودي، وقدمت الميزانيات الحكومية كثيرا من الوظائف الشاغرة لهذه العمالة، ولكن ما لبث سوق العمل السعودي أن تعرض إلى شيء من الفوضى والارتباك، فقرر المقام السامي أن يؤسس مجلسا للقوى العاملة يتولى مسؤوليات تقنين وتنظيم دخول وخروج العمالة الأجنبية في سوق العمل السعودي، ويومها كلف المقام السامي الأمير نايف بن عبد العزيز - رحمه الله - برئاسة المجلس.
وبذل الأمير نايف يومذاك جهوداً حثيثة لعلاج قضايا العمالة الأجنبية وأصدر الاستراتيجية الشهيرة استراتيجية السعودة، كما قام الأمير نايف بدعم مشاريع يوم المهنة الذي كانت تنظمه كبريات الجامعات السعودية، ولكن مشكلات العمالة الأجنبية كانت وما زالت متشعبة ومعقدة حتى بدت كأنها عصية على الحل.
ولذلك نستطيع القول إن كل المحاولات السابقة لم تفلح في تحقيق الأهداف الرامية إلى إحلال الموظف السعودي محل الموظف الأجنبي، والسبب أن شريحة كبيرة ومؤثرة من رجال الأعمال لا تقبل عمليات إحلال السعودي محل غير السعودي، لأنهم يعتقدون أن إنتاجية العامل السعودي أقل بكثير من إنتاجية العامل غير السعودي، ناهيك عن المثالب الأخرى التي يلوح بها رجال الأعمال!
واليوم يحاول وزير العمل المهندس عادل فقيه أن يصف مضاداً حيوياً جديداً لعله يفلح في علاج أمراض العمالة الأجنبية المزمنة، بل أكثر من ذلك قال الوزير إنه يريد أن يضرب عصفورين بحجر واحد، الأول أن يحد من تدفق العمالة الأجنبية، والثاني أن يعالج مشكلة البطالة في أوساط الشباب السعودي.
وطرح الوزير مشروع رفع تكلفة العمالة الأجنبية من 200 ريال إلى 2400 ريال.
ورغم أن التكلفة مرتفعة جداً، فإنني لست مع التجار الذين ينظرون إلى مشكلة العمالة الأجنبية من ناحية اقتصادية فحسب، لأن مشكلات العمالة الأجنبية لها توابع كثيرة، ويجب أن ننظر إليها من النواحي: السياسية والاجتماعية والأمنية والثقافية، إضافة إلى الناحية الاقتصادية!
وقد أغضب التجار بهذا الموقف، ولكن أؤكد ضرورة النظر إلى هذه القضية من معيار أمن الوطن وأمن المواطن.
المسألة ليست مسألة المحافظة على الانتعاش الاقتصادى فحسب، بل المسألة أعمق وأكبر من هذا، لأن خطورة انتشار البطالة بين السعوديين، وخطورة انتشار العمالة الأجنبية، التي أصبح بعضها سائباً في الميادين .. سوف يذهب بالانتعاش الاقتصادي، ويذهب - لا سمح الله - بالاستقرار السياسي والاجتماعي.
إن الأرقام التي تحتفظ بها وزراة العمل عن البطالة ومعدلات الزيادة فيها، وكذلك عن العمالة الأجنبية واطراد زيادتها تُحَمّل الوزراة مسؤولية ما سيجري في المستقبل إذا تركت الحبل على الغارب!
وأحب أن أؤكد أن توظيف الشباب السعودي ليس منّة من الحكومة إلى المجتمع، وإنما هو واجب شرعي تُخطط له الحكومات العصرية لخفض البطالة وتحقيق الاستقرار للناس أجمعين.
إن واجب التجار ألا يكتفوا بما وصلوا إليه من نتائج اقتصادية، عليهم أن يدعموا سياسة خفض العمالة الأجنبية وزيادة تشغيل المواطن، وإذا كان التجار يعيبون على العمالة الوطنية انخفاض إنتاجيتها مقارنة بالعمالة الأجنبية، فإن برنامج وزير العمل يتضمن معالجة كل عيوب المواطن السعودى سعياً وراء زيادة إنتاجيته. وأنا شخصياً أعرف أن وزارة العمل لديها استراتيجية ضخمة لتطوير الموارد البشرية في المملكة، وأذكر مثلاً إن آخر إحصائيات برنامج حافز، تشير إلى أن أرقام المستفيدين من البرنامج تصل إلى أكثر من مليون و300 ألف مستفيد في شهر واحد، ويجب ألا يسقط عن بالنا أن الزيادة السنوية للخريجين من منظومة التعليم ستزيد من حدة البطالة بشكل مخيف! ولذلك فإن مشروع زيادة تكلفة العمالة الأجنبية لم يكن بعيداً عن حسابات الزيادة في معدلات البطالة التي تنذر بنتائج غير سارة.
إننا نتمنى من التجار أن يشدوا من عضد الوزير وعضد الشباب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي