رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


توظيف السعوديين ليس أقل تكلفة على الشركات

نشرت ''الاقتصادية'' في عدد السبت الماضي 24 نوفمبر نقلا عن عدد من مسؤولي وزارة العمل أن توظيف السعوديين أقل تكلفة على الشركات من توظيف غير السعوديين. وبما أن الغالبية العظمى من العاملين في الشركات هم من غير السعوديين، فإن تصرف الشركات لا يتفق مع المنطق الاقتصادي، لو سلمنا بما نسب إلى مسؤولي وزارة العمل. يبدو أن هناك إشكالا، وحله في توضيح معنى التكلفة.
ودرءا لسوء الفهم و/أو سوء الظن، من المهم التأكيد على أن المقال حيادي، يناقش موضوع التكلفة كما هي. بمعنى آخر، المقال لا يستهدف الدفاع عن وجهة نظر طرف من الأطراف ذات العلاقة أو المتأثرة بتوطين الوظائف. بل يستهدف توضيح معنى التكلفة في التوظيف.
ماذا نعني اقتصاديا بتلك التكلفة؟
هناك التكاليف المباشرة، من رواتب وبدلات ورسوم ونحوها. دعم الحكومة، مثلا عبر صندوق الموارد البشرية، يخفض هذه التكاليف المباشرة. أكثر الناس يفهمون التكاليف على هذا الأساس. ولكنه فهم ناقص، ولا ينبغي أن يخفى نقصه على مسؤولي وزارة العمل.
على أن دعم الحكومة لا يعني بالضرورة أنه خفض التكاليف المباشرة خفضا يجعل تكلفة السعودي أقل. مثلا التكلفة المباشرة للمهنيين السعوديين (كالمحاسبين والمهندسين وعموم الفنيين) في القطاع الخاص أعلى في العادة والغالب وبصورة كبيرة من التكلفة المباشرة لغير السعودي، خاصة إذا كان من دول فقيرة نسبيا. وهي أعلى حتى مع الدعم الحكومي.
هناك تكاليف غير مباشرة، ولا تقل أهمية عن الأولى. أهم مصادر أو عوامل منشأ وجود التكاليف غير المباشرة ثلاثة:
الأول الفروق بين نظامي العمل والخدمة المدنية، حيث تعمل على رفع تكلفة الفرصة لقبول السعودي وظيفة القطاع الخاص. وأتوقع أن التفسير واضح، ففي الوظيفة الحكومية ميزات لا تخفى على القراء. والتنازل عن هذه الميزات له مقابل. والمقابل يعني زيادة كبيرة في التكاليف المباشرة. مثلا، من المتوقع أن يطلب السعودي راتبا في الشركات الصغيرة للاستمرار فيها يعادل تقريبا ضعف راتب الحكومة الذي يحصل عليه أمثاله.
والثاني أنظمة الإقامة والاستقدام. صنعت أنظمة الإقامة والاستقدام أوضاعا ساهمت في خفض تكلفة العامل غير المباشرة. هناك عوامل كثيرة تسهم في زيادة تكلفة الإنتاج بصورة غير مباشرة. مثلا، سهولة أو حرية الموظف في ممارسة الأعمال، أو الانتقال من عمل إلى آخر ترفع تكلفة توظيف هؤلاء. والعكس بالعكس: إلزام نظام الإقامة الوافد بالعمل لدى ما يسمى كفيله يخفض تكلفة توظيف الوافد غير المباشرة.
ومما يندرج أيضا تحت حرية العمل كون التراخيص المهنية لا تعطى إلا لسعودي، باستثناء حالة ما يسمى الاستثمار الأجنبي. هذا يعني أن السعودي المهني لا يجد حافزا قويا للعمل مدة طويلة عند من عنده ترخيص. وكذلك لا نجد عند صاحب الترخيص ما يحفز توظيف زملائه السعوديين. من ثم لا عجب أن نرى أن الغالبية العظمى من المهنيين العاملين في مكاتب مهنية مرخصة هم غير سعوديين.
من الأمثلة الأخرى الرافعة لتكلفة العمل غير المباشرة الاستئذان خلال ساعات الدوام، وبطء الإنجاز وصعوبة تقبل العمل في ظروف صعبة .. إلخ. هذه العوامل تظهر بوضوح أكثر مع السعوديين في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
والثالث الأعراف والتقاليد. أعراف وتقاليد البلد لا تشجع على قبول السعوديين لكثير من وظائف القطاع الخاص. وتزداد المشكلة إذا أضيف إلى التقاليد تدني الدخل أو عدم استقراره.
من الممكن التغلب على الأعراف والتقاليد في أكثر الأحيان إذا كانت الرواتب عالية والبيئة مستقرة. ويعتمد هذان على طبيعة صاحب العمل. كثير من الشباب السعودي يقبلون على وظائف مهنية يدوية في الشركات الكبرى كأرامكو وسابك وشركة المياه الوطنية، حيث الأجور مرتفعة والبيئة مستقرة. أما إذا كان صاحب العمل شركة صغرى فإن القبول بعمل مهني يدوي في هذه الشركات يتطلب أيضا تعويضا إضافيا. وهذا التعويض يأتي في صورة طلب رواتب أعلى مما تعرضه الشركات الكبرى. ولكن الأمر واقعا ليس كذلك، حتى مع الدعم الحكومي.
ارتفاع التكلفة غير المباشرة لتوظيف السعوديين يعني شدة الطلب على اليد العاملة غير السعودية.
ما أنجع الوسائل والسياسات في التغلب على تلك المصاعب؟ موضوع طويل. ولكن من أهمها فيما أراه تعديل نظام الإقامة بحيث يلغى ما يسمى الكفيل، ليناط بجهة عامة، وبالله التوفيق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي