«سمة» المقاولين .. ووزارة المالية

يعتبر تصنيف المقاولين مؤشرا لتحديد قدرة المقاول واختصاصه بما يتلاءم مع إمكاناته الذاتية المالية والفنية والإدارية والتنفيذية، وتتمحور الأهداف الأساسية من نظام تصنيف المقاولين حول تقويم مقدرة المقاولين المالية والفنية والإدارية والتنفيذية لتنفيذ المشروعات الحكومية المتصلة بمجال عملهم واختصاصهم، لتوفير مقاولين مؤهلين في مختلف المجالات، والمساهمة في التنمية النوعية للبناء والتشييد، إلى جانب حث المقاولين على التطوير المستمر من خلال التصنيف، وتطوير الوكالة وإحداث التغييرات التنظيمية المناسبة لتمكينها من أداء المهام المنوطة بها، بما يسهم في رفع الكفاءة والإنتاجية، حيث استحدث تصنيف المقاولين في المملكة بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 820 وتاريخ 1/7/1393هـ (1973م)، بالموافقة على مشروع لائحة تصنيف المقاولين، الذي أناط عملية التصنيف بلجنة سميت "لجنة تصنيف المقاولين" تم تشكيلها بناء على قرار مجلس الوزراء أعلاه، وبعد صدور قرار مجلس الوزراء رقم 241 وتاريخ 13/9/1399هـ القاضي بحل لجنة تصنيف المقاولين وإناطة مسؤولياتها بوزارة الأشغال العامة والإسكان، تم إنشاء وكالة تصنيف المقاولين التابعة لوزارة الشؤون البلدية والقروية، حيث قامت وكالة تصنيف المقاولين بمتابعة أعمال تصنيف المقاولين، وقد شهدت المملكة منذ ذلك الحين تطورات هائلة نتيجة لتسارع خطى التنمية الاقتصادية، واستلزم ذلك بدوره تغيرات في هياكل الدولة وهيئاتها وجهاتها الحكومية والإدارية، حيث صدر الأمر الملكي رقم (أ/2) وتاريخ 28/2/1424هـ بإلغاء وزارة الأشغال العامة والإسكان، ونقل ما يلزم من مهماتها إلى وزارة الشؤون البلدية والقروية، وإلى بعض الأجهزة الحكومية الأخرى ذات العلاقة، وصدر نظام جديد لتصنيف المقاولين بالمرسوم الملكي رقم (م/18) وتاريخ 20/3/1427هـ، وتبع ذلك صدور اللائحة التنفيذية لنظام تصنيف المقاولين الصادرة بالقرار الوزاري رقم (8794) وتاريخ 8/9/1427هـ، ثم صدرت اللائحة التنفيذية الجديدة لنظام تصنيف المقاولين بالقرار الوزاري رقم 22148 وتاريخ 10/10/1431هـ. ولكن مع ما نسمعه من تعثر وتأخر وعدم تنفيذ المشاريع بالجودة المطلوبة من قبل كثير من المقاولين، وقد مضى وقت طويل على إصدار النظام، فمن الأجدى إيجاد نظام جديد يأخذ في الاعتبار الوضع الحالي للمملكة ومدى التزام المقاول بالتنفيذ مع الجودة، ومراعاة وقت الانتهاء من المشروع، إضافة إلى أهمية وضع حد أقصى للمشاريع التي يتم ترسيتها في الوقت نفسه على المقاول، أي بمعنى آخر إيجاد نظام شبيه بالنظام الائتماني الذي تمنحه المصارف للمقترضين، وبالتالي إيجاد تنظيم جيد لقطاع المقاولات الذي يعد إحدى الركائز الأساسية للتنمية، ومن ثم الإسهام بشكل فعلي في التنمية النوعية للبناء والتشييد ورفع مستوى أداء المقاولين لتحقيق الجودة النوعية في تنفيذ المشاريع، إلى جانب تحقيق المنافسة المتكافئة بين المقاولين، حيث يعد نظام التصنيف على أسس مدروسة تراعي الزمان والمكان والعمل على التطوير المستمر، من خلال اتباع المقاولين الأسس والنظم المحاسبية والمالية والتنظيمية مع مراعاة تطويرها بشكل مستمر، واستقطاب المقاولين الكوادر الفنية والإدارية ذات التأهيل والخبرة، مما يتواكب مع الطفرة التي تشهدها المملكة في الوقت الراهن. وحيث إن هناك كيانات تملكها أو تشارك فيها الدولة بما لا يقل عن ٥١ في المائة (أرامكو السعودية، سابك، معادن ... إلخ) لها آليات تصنيف وتأهيل مختلفة، أتمنى وآمل أن تتوحد كافة الجهات المستفيدة في مرجعية موحدة للتصنيف، وأن يكون ذلك بقيادة وزارة المالية لارتباط كافة الجهات بها، ولنا في شركة سمة (السعودية للمعلومات الائتمانية) التي غيرت وقادت سوق التمويل خير مثال بإطلاق شركة للتصنيف والتأهيل للمقاولين بفكر مختلف يحقق تطلعاتنا برؤية المشاريع على أرض الواقع.
إن إيجاد نظام متطور ومتزامن مع النمو الهائل الذي تشهده المملكة، سيجبر جميع المقاولين على الالتزام بالانتهاء في الوقت المحدد وبالجودة المطلوبة في الوقت نفسه، مما سيعطي فرصة لصغار المقاولين للنمو والتقدم وتطوير أعمالهم، وبالتالي إيجاد قاعدة كبيرة من المقاولين المؤهلين لتنفيذ المشاريع الكبرى، ليس على مستوى المملكة وحسب، وإنما على مستوى دول العالم، فالصين مثلا تعد من أسرع الاقتصادات نموا في العالم، ونجد أن لديها مقاولين كثرا تمت ترسية مشاريع عملاقة عليهم في دول مختلفة خارج الصين، ومنها المملكة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي