رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


ما هكذا تورد الإبل يا وزارة العمل

تناقلت وسائل الإعلام المحلية خبر قرار وزارة العمل فرض رسوم على تشغيل غير السعوديين في القطاع الخاص. والقرار باختصار فرض رسوم قدرها 2400 ريال سنويا عن كل عامل غير سعودي، إذا كان عدد غير السعوديين أكثر من السعوديين. والتطبيق ابتداء من مطلع عامنا الهجري هذا. التعليل المنطقي وراء القرار مفهوم، رفع تكلفة توظيف اليد العاملة غير السعودية، ما يعني بصورة عكسية تحفيز توظيف اليد العاملة الوطنية. أي أن رفع تكلفة اليد العاملة غير السعودية يسهم في توطين الوظائف والسعودة.
تلك الرسوم المفروضة وسيلة من وسائل عديدة لرفع تكلفة توظيف اليد العاملة غير السعودية. تقليل عدد المسموح لهم بدخول البلاد للعمل وسيلة لرفع التكلفة.
لكن السؤال التالي: كيف؟ الإشكال في التفاصيل. يعني أن الاعتراض ليس على أصل الفكرة، بل على طريقة وتفاصيل التطبيق، وقد قيل إن الشيطان يدخل في التفاصيل. وهنا أذكر أمثلة، أي أنها ليست على سبيل الحصر:
بداية التطبيق غير موفقة، ليس من العدل أن يقرر التطبيق الفوري، لا بد من التدرج في الحيز الزمني للتطبيق، في ظل هيمنة شبه مطلقة لغير السعوديين على وظائف وتشغيل القطاع الخاص بصورة عامة، كان بالإمكان أن يقرر رسما أقل بصورة واضحة، مثل 400 ريال سنويا لأول سنة، ويزداد سنويا بنسبة مثلا 20 في المائة، وفق خطة من سنوات، بما يتيح وقتا للقطاع الخاص أن يرتب أوضاعه عليها، طوعا أو كرها.
مثال آخر، المساواة بين الوظائف والقطاعات غير مناسبة، لا شك أن إقبال السعوديين على وظائف القطاع الخاص متفاوت جدا، بسبب التفاوت في نوع وطبيعة الوظائف، وحجم وطبيعة المؤسسات الموظفة، ومن ثم وجب ألا تكون النسبة واحدة بين الشركات والقطاعات.
مثلا، إذا أخذنا قطاع المقاولات، وهو مثال متطرف لتدني نسبة السعوديين. نسبة السعوديين حاليا أقل من 10 في المائة، ولعل نسبة السعوديين في هذا القطاع تتحسن بمعدل في حدود 1 في المائة سنويا إذا كنا متفائلين.
لكنني أرى أن هذه الحلول وقتية، وأن الحل الجذري يكمن في إلغاء الكفالة الخاصة، ويتزامن مع ذلك تقليص شديد في عدد التأشيرات السنوية للعمل، وجعل التوظيف خاضعا لقوى السوق من الجميع (من سعوديين وغير سعوديين الذين هم داخل البلاد، وفق ضوابط وتفاصيل ليس مقامها هذا المقال). هذا هو السبيل لحل هيكلي طويل المدى لتوطين الوظائف.
أما السياسات المرحلية فتوجه إلى تخفيف وتسهيل التحول إلى نظام أجور (لليد العاملة) سوقي أي قائم على السوق.
ومن المهم أن يعرف جيدا أنه يندر أن تجد عملا بشريا يهدف إلى تغيير وضع قائم بدون أضرار.

ماذا يعني ذلك؟
يعني ذلك أن علينا ألا نتوقع قدرا ذا بال من السيطرة والضبط على توظيف غير السعوديين على مدى سنوات دون مشكلات ومصاعب وثمن أو تكلفة معتبرة، وهذا ما وقع. هناك آثار سلبية، لأسباب على رأسها المشكلات المصاحبة للتطبيق، حتى لو افترضنا حسن النية لدى أصحاب الأعمال.
سيتأثر نمو الأنشطة الاقتصادية المعنية بالتطبيق سلبا، من جراء المشكلات المصاحبة للتطبيق؛ ذلك لأن اختلالات سوق العمل الخاصة بسوق العمل الخليجي (أهم أسباب وجودها الثنائية في سوق العمل) تتطلب وقتا للمعالجة والتكيف أطول بكثير من الأوقات التي سنتها وزارة العمل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي