رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


هل هناك حاجة إلى التعدين في الوقت الحاضر؟

تُعد المملكة العربية السعودية من أولى الدول من حيث حجم إنتاج البترول، أي أنها تتفوق على الولايات المتحدة، وهي الدولة العملاقة في إنتاج واستهلاك النفط. ولا شك أن ما يوفره هذا الإنتاج يُسهم في توسع البنية التحتية وصيانتها الدورية إلى جانب تنمية الإنسان وتحسين مستوى معيشته. وعلاوة على ذلك، توفر صادرات النفط عوائد نقدية كبيرة تزيد على احتياجات التنمية الحالية، وهذا يؤكد الحاجة الملحة إلى إنشاء "صندوق الأجيال المقبلة" الذي تناولته في مقالات سابقة.
وما دامت الحال كذلك، تبرز في الذهن تساؤلات كثير حول نشاط التعدين في أرجاء المملكة لمعادن مثل الذهب والفضة والنحاس والفوسفات ونحوها! ومن هذه التساؤلات ما يُطرح في المجالس حول: هل نحن في حاجة إلى تعدين هذه المعادن في الوقت الحاضر، خاصة مع تزايد الفوائض النقدية الحالية والمتوقعة خلال الأعوام المقبلة ومع بقاء أسعار البترول مرتفعة؟ أليس من الأفضل أن يتم العمل على اكتشاف هذه الخامات المعدنية وتحديد الكميات المتوافرة منها وجدواها الاقتصادية، ثم إقفالها للإفادة منها عند الحاجة إليها في المستقبل، لكي تكون ضمانة لاستدامة التنمية في حال نضوب البترول أو انخفاض أسعاره بشكل حاد؟
ربما يقول قائل: إن الأمر يحتاج إلى تطوير صناعة التعدين وتنمية الكفاءات الوطنية للعمل في هذا القطاع، الأمر الذي يتطلب سنوات طويلة، ما يبرر البدء في الوقت الحاضر لتهيئة البنية الأساسية لنشاط التعدين وضمان جاهزيتها عند الحاجة. هذه مقولة لا تخلو من المنطق، ولكن لا بد أن نسأل: هل "السعودة" مرتفعة في قطاع التعدين؟ وما المهن التي يمارسها السعوديون العاملون في هذا القطاع؟ وهل هناك جهود معتبرة في مجال تدريب أيد عاملة سعودية؟
ويُضاف إلى ما سبق، أمر في غاية الأهمية ألا وهو التكاليف البيئية المتمثلة في أن نشاط التعدين يستنزف موارد المياه الشحيحة، ويُسهم في تلوث البيئة، والإضرار بصحة الإنسان. فعلى سبيل المثال، لقد اكتشفت حالات مرضية كثيرة في مدينة مهد الذهب بسبب وجود المنجم في طرف تلك المدينة، وأدى التعدين في تلك المحافظة إلى نضوب المياه في كثير من الآبار المنتشرة في أرجائها.
باختصار شديد ما دامت عوائد البترول الحالية تفوق احتياجات التنمية في بلادنا، ولعدم وجود قوى عاملة وكفاءات سعودية تعمل في هذا المجال، ونظراً لانخفاض الخامات الموجودة في بعض المناجم، فإن من الحكمة عدم التوسع الكبير في مجال التعدين في الوقت الحاضر، لكي يكون دعامة لاستدامة التنمية واستمرار الرخاء لهذا الجيل والأجيال القادمة، مع ضرورة استغلال الفوائض النقدية التي يوفرها تصدير البترول لبناء الإنسان علمياً وثقافياً وصحياً واجتماعياً بناء صحيحاً يتناسب مع احتياجات المرحلة الحالية ويواكب التغيرات التقنية المتسارعة التي يشهدها العالم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي