نعم.. قدرتُنا التعليمية قابلة للمط
.. فلننظر للمدرسة والعائلة من زاوية ترابطية مبتكرة فيما يتعلق بالتغيير الاجتماعي.. طبعاً للأفضل.
إنها آلية مقترحة لتمتزج أدوارُ العائلة، الآباء بالنسبة للأولاد، والأمهات بالنسبة للبنات، مع التوجيه والتعليم المدرسي بمنهجه ومدرسيه ومربيه ومشرفيه. إنها آلية تسهم بمعرفة وسلوكٍ جديدين أو متطورين لأبنائنا لمساعدتهم في حياتهم الخاصّة، وأن يحملوا واجباتهم من خلال معرفتهم وسلوكهم بحياتهم الخاصّة إلى مجتمعهم الأكبر.
إن العلاقةَ بين الآباء (وهنا نقصد الأم والأب) وإدارة المدرسة بعمومها نوع من الآلية المقوية للعملية العلمية التربوية على طريقة تقوية التلاميذ في الدروس الخصوصية مثلا. ومن الوهلة المنطقية الأولى ندرك أن أيَّ عملٍ تعليمي وتربوي منتج هو نتيجة لتضافر العلاقة المنسجمة بين البيتِ والمدرسة، عندما يكون البيتُ متفاعلاً مع المدرسة وتكون المدرسة متفاعلةً مع البيت، ليس في النمط المناسبي أو التقليدي، إنما التفاعل يعني الوجود المستمر لهذه العلاقة في الظرف والموضوع الذي يبدأ في البيت ويصب في المدرسة، ثم يصب في المدرسة ويبدأ في البيت، بدائرةٍ تواصليةٍ منسابة، ويكون الهدفُ رفع سقف المعدلاتِ لما يتعرّض له الأبناءُ من ظروفٍ خارجيةٍ تصنعهم في قوالبها ليكونوا أقوى في التعامل المدرك معها ويصعب تقولبهم مع أي ظرفٍ خارجي لا يتلاءم مع تلك المعدلات المرفوعة التي اكتسبوها بسبب التعامل التفاعل بين البيت والمدرسة.
لا شك أننا نريد مدارس ممتازة وفعّالة ومنتجة لأولادنا، لذا يجب أن نصعّد مستوى العلاقة بيننا وبين مدارس أولادنا للتأكد من أن المدرسة توصل تلك المعارف والسلوكيات ما نتوقعها حسب فهمنا ومعرفتنا بأداء المدرسة على أولادنا في البيت ومراقبة ذلك وإيصاله للجهة الإشرافية في المدرسة، وحبذا لو كان في الجهة الإشرافية عضو أو اثنان يمثلان المجتمع والبيت مع المدرسة، وترفع لها نتائجَ الأداء الطلابي، من المدرسة للبيت، ومن البيت للمدرسة لتكون عمليات الإشراف والمتابعة والاقتراح بآلية تمرير المعلومات البينية.
إن الواجبَ المنزلي يجب أن يُتابع ويُقيَّم داخل المنزل، وهو ما يحبّب أو قد يسبّب نفور التلميذ من المدرسة، ما زال الواجبُ المنزلي، خصوصاً ما ألاحظه على البنات، حيث يكون الواجبُ أزمةً حقيقيةً لا ترتفع فيها التلميذة بوصة واحدة في تقبلها المعرفي، ودأْبٌ سار عليه العرفُ التدريسي بمدارس البنات بالعمل التوضيحي مثلاً الذي صار مضيعة لمال الآباء وسلباً من قدرة البنت ـــ وحتى الولد ــــ الذاتية وازدهار مكاتب تجارية تتسلق من خلال هذه الفجوات التي صارت مسلكاً عريضاً في مفهوم وأعراف الواجب المدرسي، وهو أهم موضوع خاص الأهمية لا بد أن يكون مطروحاً في التعامل التفاعلي بين أولياء الأمور والإدارات المدرسية. ما الوقت الذي على أولادنا أن يقضوه في الواجب؟ سؤالٌ مهم. ما حجم الواجب المنزلي؟ ما النتيجة المباشرة التي سيتحصل عليها التلميذُ والتلميذة من الواجب المدرسي؟ هل الواجب المدرسي لما تمت دراسته، أم لما ستتم دراسته في الغد؟ أم لكليهما؟ أسئلة مطروحة جداً أمام الهيئة التفاعلية تلك.
وهناك أمرٌ مهم جداً في الناحية التربوية التعليمية لطالما غفلنا عنها، ففقدنا في الماضي والآن على الطريق عقولاً أهدرنا قدراتها ونفعها هي إغفال الفروقات الشخصية. ما زلنا نتعامل مع أولادنا وبناتنا في المدارس وكأنهم أجهزة عقلية متساوية تماماً في الاستيعاب والفهم والقدرات، وهذا بالفعل ما يزيد التعطلَ في تروس الآلة التعليمية.. حتى الآن ليس عندنا مَن يركز على تلميذ نابغة في الرياضيات، وقد يكون عيِّياً نسبيا في العلوم الإنسانية والأدبية، ونغفل مثلا تلميذةً نابهة في اللغة والعلوم الإنسانية وتواجه قدرة عادية في باقي العلوم، وهنا تتسرّب من قبضة الأمة عقولٌ كانت ستثبت تغييراً نوعياً ومفصلياً في تقدمها. ومن هنا يأتي أهم أدوار المراقبة الشخصية التي ستكون صعبة، إن لم تكن مستحيلة، دون التعاون التفاعلي بين المدرسة والبيت.
كل ما علينا أن ''نمُطّ'' قدراتِنا، وقدراتُنا مرنة لو استخدمناها في التمطّط. وبوجود الآلية التفاعلية بين المدرسة والبيت سيمط الأداء التعليمي التربوي ويرفع معدلات الإنتاج المدرسي، التي هي أهم درجة في سلّم إعداد عناصر الأمة..
من، ومتى يبدأ المط؟