وسائط الاتصال والتواصل الاجتماعي.. الميدان الجديد للإبداع الأدبي

وسائط الاتصال والتواصل الاجتماعي.. الميدان الجديد للإبداع الأدبي
وسائط الاتصال والتواصل الاجتماعي.. الميدان الجديد للإبداع الأدبي
وسائط الاتصال والتواصل الاجتماعي.. الميدان الجديد للإبداع الأدبي

تبدو المرحلة الراهنة مفصلية في زمن الثقافة التقليدية، مع إشارات التخلي التي تجتاحها من جانب أقرب حلفاء المنابر الثقافية التقليدية وهي الأندية الأدبية، لتقترب أكثر هذه الأخيرة مع وسائل التواصل الاجتماعي الجديدة الآخذة في فرض نفسها سريعا على المشهد الثقافي وحتى الأدبي على وجه الخصوص.
وأعلن النادي الأدبي في الرياض أخيرا عن نتائج مسابقته للقصة القصيرة في فضاءات ''تويتر''، وهو أمر يقود إلى التساؤل حول الميادين المقبلة لثقافات الإبداع والتنافس الأدبي التي لم تعد حكرا على الوسائل التقليدية من منبر وكتاب وأمسيات أدبية لتصبح أدوات التواصل الاجتماعي عبر الـ ''فيسبوك'' و''تويتر'' هي المفضلة وتعترف بها ميدانا للتنافس مراكز تقليدية كالأندية الثقافية.

#2#

وقال الدكتور عبد الله الوشمي رئيس مجلس إدارة النادي الثقافي الأدبي في الرياض: إن هذه المسابقة التي تعد الأولى على مستوى المملكة ''تعد استمرارا للفعاليات التفاعلية التي يطلقها النادي ضمن نشر الثقافة والمنافسة في الإبداع على مستوى وطني''، وهي كما يبدو تظهر اعتراف النادي بأن البحث عن الإبداع والمبدعين يتطلب الحضور إليهم في منتدياتهم الجديدة عبر الإنترنت.
وأكد الوشمي أن مجلس الإدارة قد أقر أن تكون هذه المسابقة دورية حسب الأجناس الأدبية، وأن يكون فضاؤها هو ''تويتر''، حيث تتخصص دورتها الحالية في كتابة القصة القصيرة، وتشمل جميع الشرائح الأدبية من مستخدمي ''التويتر'' داخل المملكة وخارجها، وفي أي موضوع يختاره القاص.
ومن جانب الفئات الشبابية فقد لقيت الفكرة ترحيبا حارا أظهرته حجم المشاركات الأولية في مسابقة تطلق حتى الآن النسخة الأولى منها، إذ شارك العديد من محبي الإبداع والأدب وقدموا إبداعاتهم في مجال القصة القصيرة إلى النادي الأدبي في الرياض عبر وسائل اتصال طغت عليها الحداثة والتقنية، حيث شارك الكثيرون من بعيد دون الحاجة للحضور إلى النادي الأدبي والسؤال عن كيفية المشاركة.

#3#

وشكل النادي لجنة تحكيم من أدباء لهم مساهمة في أجواء ''تويتر'' والتفاعل معه، وهم: يوسف المحيميد، وجبير المليحان، وليلى الأحيدب، وتم تزويدهم بالقصص دون إرفاق الأسماء، ثم جاءت ترشيحاتهم للفائزين، وقامت لجنة من النادي بفرزها وجمع الدرجات للإعلان عن الفائزين.
وأعلن النادي عن أسماء الفائزين لاحقا وهم: الأول محمد ذيب الحميداني عن قصته (قيود)، والثاني: أيمن الشهاري عن قصته (وحينما)، والثالث ثويني محمد آل عليوي عن قصته (حرية)، والرابع نجلاء بنت حمد العمار عن قصتها (تجعيدة)، والخامس خلود الفضيل عن قصتها (يعود مترنحا)، لكن الجوائز المالية التي رصدت كانت متواضعة قياسا بحجم الانتصار المعنوي الذي شكله شهادة مختصين في فن القصة والرواية بمبدعين جدد، إذ لم تتجاوز المبالغ المالية المرصودة للجوائز من جانب النادي لهذه المسابقة عن: الفائز الأول: 1500 ريال للتغريدة الواحدة، والفائز الثاني: 1000 ريال للتغريدة الواحدة، والفائز الثالث والرابع والخامس: 500 ريال للتغريدة الواحدة. وبالعودة إلى فكرة التنافس الأدبي في ميادين الإبداع الإلكتروني عبر مواقع التواصل الاجتماعية والإعلام الجديد، يؤكد خالد الطويل رئيس اللجنة الثقافية في النادي الأدبي في المدينة المنورة أن الاتجاه السائد الآن هو في مواكبة هذه الحركة الثقافية التي تفرض نفسها التي جعلت من وسائط الاتصال الاجتماعي والإعلام الجديد ساحة مفتوحة للجميع للمشاركة فيها، وابتعدت عن النخبوية في الاختيار التي كانت تفرضها الأنماط السائدة في الوسط الثقافي إلى وقت قريب. وأشار الطويل إلى خطط النادي في المدينة المنورة لمواكبة هذه النقلة الثقافية المتعلقة بالتحولات الإعلامية نحو إعلام إلكتروني ومجتمعي، مشيرا إلى دورات وأمسيات ومحاضرات عقدها ''أدبي المدينة المنورة'' تناولت مثل هذا الطرح، ولافتا إلى الشكل الإلكتروني الجديد الذي انتهجه النادي عبر بوابته الإلكترونية والذي يتيح التواصل بين الجميع.
غير أن العديد من المثقفين ليسوا متحمسين لهذا الطابع الحداثي الذي بدأ يلون النتاجات الأدبية في العصر الراهن ''ليأخذها إلى المجهول'' كما يقول فيصل خوجة الذي يرى في هذه التحولات انتقاصا من قدر الثقافة التقليدية القائمة على قراءة الكتب المطبوعة والاستمتاع بمداعبة صفحاتها والتعامل مع الكتاب ككتلة فيزيائية لها وزن ومكان ومكانة في البيت والمكتبة دون الحاجة لاستخراج الإبداع من مصادر إلكترونية لا تبدو سوى صفحة في شاشة، لا تعلم من يتحكم باستمرار تدفقها أمامك، ولا تبدو ككتلة وواحدة مترابطة، وهو أمر يخلق الشتات في نفس من يريد الثقافة والإحساس بالضياع في نفس من يريد المتعة والإبداع.
وبين الراءون المغالون في أهمية كل من الكتاب التقليدي ووسائط الإبداع الجديدة تبدو المرحلة الثقافية المقبلة هي الأقدر على حسم التوجه إلى أي منهما، إذ هي مرحلة زمنية حاسمة قد يقصى فيها الكتاب التقليدي، وقد يعود مجددا ليتربع على عرش قلوب المثقفين.

الأكثر قراءة