حديث سامي
قلة من الناس ''تسمع له'' حين يتحدث وتنصت له حتى ''ينهي'' كلامه، فالتكرار وعدم وجود الجديد جعلا المتلقي يزهد في فضل وقته ويحفظ سمعه من كلمات كثيرا ما تتطاير من هنا وهناك، يتردد صداها بلا نفع ولا فائدة، وسامي الجابر من القلائل الذين تجد ''متعة'' في سماع ما يقوله، فالفتى الطموح ''بالتعليم والاطلاع ''يدعم ''خبرته الرياضية'' التي جمعها من سجل مشرف كتبه بمداد أعوام من الركض الجميل بشعار فريقه ومع منتخب بلاده، كان خلالها يقدم شيئا من الاحترافية نهجاً وتطبيقاً ونكاد لا نتجاوز الحقيقة، حين نصفه بالمحبوب الأكبر لمشجعي الزعيم، إضافة إلى أن المتابع الرياضي يعرف كم خسرت الكرة السعودية بابتعاده.
ولأن همته العليا لا يغلى لها المهر، فسامي لم يقف عند ''حدود الممكن''، بل ذهب إلى ما وراء ذلك، فلبس للرياضة ثوباً غير الذي عهدناه فلم يرتم ''في أحضان الهلال'' ويكتفي بدعم الكيان الكبير له ومن خلفه ''صديقه المقرب جداً'' صاحبه عبد الرحمن بن مساعد، فقد أبان عن عقلية مختلفة تعشق ''الكمال وتخطب المجد'' بمهنية صادقة مع النفس قبل أن تصدق مع الآخرين فرحل ''مبتعثا بجهد ذاتي'' يطلب علم التدريب في منظومة لها شهرتها وخبرتها ونتاجها المعروف.
وحين ترك مصطفى الأغا لسامي المجال أن ''يسترسل'' في حديثه لم تمر مفرداته مروراً سريعاً بل كانت كمشية الجمال يشابه السحاب ''لا ريث ولا عجل'' فالقناعة والثقة التي يتكلم بها الدارس في فرنسا أتت بعد معايشته للاحتراف هناك ''بشكل مباشر''، بل هو من ''يشرف عليه'' من خلال ما يوكل له من مهام سواء في الفريق الأول أو على قطاع الفئات السنية بمختلف مراحله كما ذكر في ثنايا حديثه، فطالب العلم الشغوف بالاستزادة من فنون الكرة قارن بين ما عاشه سابقا وبين ما يراه حالياً في أكسفورد، فوجد البون الشاسع وبعد الثرى عن الثريا بين حال ''مضطربة لا وضوح فيها '' ولا وجود للوائح والقوانين إلا كوجود غشاء رقيق يستر النوى لا يكاد يبقى بعدها إلا برهة من الزمن ''فيصبح هشيماً تذروه '' هيبة مكانة اجتماعية أو سلطة صاحب مال أكسبته النفوذ ''فقال وطال''.
وواقع آخر احترافي محض يصنع اللاعب فيه مجده ''بعرقه وانضباطه '' وقدرته على خدمة ''اللعب الجماعي'' بعد ما يكون قادراً على المحافظة على ''نفسه ولياقته'' فيعطي كل ما يملك من قدرة وقتال على المستطيل الأخضر بعد أن توفر له اللجان والهيئة المشرفة على المسابقات هناك ما تستطيع من ''العدل والمساواة'' بين الجميع فهم ''كأسنان المشط '' لا ينجح إلا المؤهل والقادر، ''فالعداوة '' بينه في وسطنا ''والمحاباة '' نحرت الفضيلة حتى صار الشك وسوء الظن ''سمة سائدة '' لا ينجو منها إلا القليل ؛ والجيل الجديد من اللاعبين الصغار بالرغم من جهد المسحل ومشروعه في المنتخبات السنية، إلا أن واقع الأندية مظلم جداً فلا اهتمام ولا مدربين ولا ملاعب تدريب صالحة لاحتضان وتدريب المواهب التي ''ظللنا نتغنى'' بوجودها طوال سنوات مضت حتى أدركنا أخيرا أن ''الموهبة دون علم'' ودون صقل وتدريب '' هباء في هباء'' لا تسمن ولا تغني من جوع في عالم الكرة الجديد.