قائد أم رئيس؟
الأندية من المؤسسات المفتوحة التي ينضوي تحت إدارتها الكثير من العاملين يضاف إليهم لاعبو فرق النادي فهم من يشكل عمادها وعمودها الفقري ومن أجلهم يعمل الجميع وينتظر منهم قيادة الكيان لطريق البطولات ومنصات التتويج؛ ولكن يبقى السؤال الأهم والكبير من "يصلح للرئاسة؟" ما مميزاته؟ ومن يملك القدرة على قيادة هذه المنظومة التي يستظل تحتها الكثير من المتناقضات بين أفرادها في "الرغبات" و "المشارب الثقافية" فالأهداف والرؤى تختلف من شخص لآخر. ثم تأتي سطوة "الضغط الكبرى" من جماهير لا تريد ولا ترضى إلا بالفوز وتوصف دوماً بأن "العاطفة تسيرها" فهم جزء من المشكلة لعدم قبولهم "بالتخطيط العقلاني" والذي يهدف لتحقيق نتائج بعيدة المدى فبغيتهم "حاضر الإنجاز" ليتفرغوا بعده لمظاهر الفرح والمباهاة، فمن يقدر على ذلك؟ أهو "الرئيس" أم "القائد"؟ وما الفرق بينهما حتى نحكم بالإيجاب لأحدهما؟ "فالأول" شخص قادر يملك المال أو القليل منه ولديه الرغبة في تحقيق منجز شخصي؛ فهل من الحكمة التسليم بمثل أنموذج هكذا؟ وهل نلومه بعد أن يخسر المزيد.. والمزيد من الوقت والمال؟. الظاهر والجلي أن وسطنا الرياضي يثبت مع الأيام حاجته "لقائد" أكثر من "رئيس"؛ والقائد يُعرّف في علم الإدارة بأنه الشخص الذي يؤثر في "سلوكيات الآخرين" دون قسر أو إكراه وجعل هؤلاء "قابلين لقيادته" بعد الوصول لدرجة كبيرة من إقناعهم بأهدافه "وجعلها أهدافاً للمجموعة" وسط جو من "الرضا وعلو الهمة"، يغلف مشاعر القائد وجنوده، فيستطيع النفاذ بعد هذا لمشاعرهم وأحلامهم ويسير بها إلى حيث يريد لهم أن يصلوا ويرتقوا بالكيان؛ بل إن هناك من يحدد صفات هذه القيادة فيقول هي القادرة على تحويل فريق العمل لكتلة شعور واحدة، وتملك رؤية المستقبل بوضوح، وفهم الأسلوب الذي من خلاله تستطيع الوصول إليه، ومستقبل أي لعبة رياضية هو بكل تأكيد تحقيق الفوز والمنافسة على البطولات ومن ثم تحقيقها. ولأن كل قائد هو رئيس، ولكن بكل تأكيد ليس كل رئيس بمقدوره أن يصبح قائدا، فروح المغامرة، والقدرة على ابتكار الحلول، والمرونة، والاستجابة السريعة للمتغيرات، والقدرة على إثارة الحماس، ملكات ومنح ربانية لا تستطيع غرسها فيمن تحب وتريد ليكون قائداً يتحقق على يديه التغيير والانقلاب نحو الأفضل. متى يدرك الجميع أن هذه بغية الأندية ومطلبها لا "رئاسة بيروقراطية " تحرك أدواتها الإعلامية كقطع الشطرنج دفاعاً وتلميعاً فيكون نصيب الجماهير المغلوبة على أمرها ترديد الصبر والصبر ثم الصبر.
ـــ هناك نماذج قيادية وضحت الطريق ورسمت النهج ولذلك فبالرغم مما أحدثته من ضجيج واختلاف حول أسلوبها وطريقتها في العمل بيد أنها أرغمت الجميع على الإقرار لها بالنجاح والإبداع فالأمير فهد بن خالد وطارق كيال هما " قائدا التغيير " وصاحبا المبادرة الشجاعة في تغيير وإحلال بعض الأسماء في خريطة الفريق الأهلاوي فمن يصدق خروج مالك معاذ وإبراهيم هزازي خارج أسوار النادي؟ ولكنها القيادة والرغبة في التغيير وروح المغامرة، فماذا خسر الأهلي؟ وماذا كسب سوى العودة للمنافسة بعد ما تخلص من سطوة أصوات الجماهير وقيادتها وفق مبدأ ما تطلبه الجماهير واستبدلها بفكر القائد ومنهج التغيير الإيجابي، ومن ذلك رئيس الشباب خالد البلطان "فله نهجه وقدرته الكبرى" في بث روح الحماس والتغيير من طريقة العمل في ناديه فحقق الكثير من التميز، وحقق عدداً من البطولات، وأضفى على ناديه "صبغة مختلفة" كلياً عن سابق عهده؛ فأصبح قائداً يدير مجموعته بروح الإصرار والقتال وما دخوله لأرض الملعب بين شوطي مباراة فريقه مع النصر إلا صورة وأنموذج لهذه الطريقة، فقد استحب العقوبة من أجل "تخفيف انفعالات" الحكم تجاه ناديه وفعلاً انتقلت الروح للاعبيه وعاشوا الدور، فحققوا الانتصار رغم النقص الكبير.
ــــ من أبرز من ملكا صفات القائد وكان لهما تأثير وبشكل كبير في لاعبي وجماهير فريقيهما وفي الإعلام بشكل كبير وأثرا حتى في مسيرة الاحتراف الداخلية، الأمير محمد بن فيصل رئيس الهلال السابق، وصديقه اللدود منصور البلوي، فلم يكونا أثناء وجودهما يلبسان ثوب الرئاسة بل لبسا "حلية القائد ولامته" وغلفاها بالمغامرة والحماس، فكم موقعة خاضاها "كمقاتلين" وجندا خلفهما كل ما يستطيعان من وسائل حتى بدا للجميع أنهما سخرا واستخرجا كل الطاقات الكامنة في أعضاء إدارتيهما وفريق العمل ومن ضمنه لاعبي فريق كرة القدم، حتى أصبح الحماس والبذل والإخلاص للشعار سمة وصفة بارزة في عهديهما.
ــــ الأندية التي ترغب وتريد الاستمرار في سماء البطولات، وتلك التي تحدوها الرغبة في العودة للزمن الجميل عليها البحث وإيجاد قائد شجاع مقدام ذي روح متقدة حماسا، قادرة على ابتكار الحلول وتجاوز العقبات، وإلا فعليها بالرئاسة التقليدية البيروقراطية وترديد: ألا أيها الليل الطويل ألا انجلِ.