حملة «الحج عبادة وسلوك حضاري» تنطلق من استراتيجية تأصيل ثقافة البلد الحرام

حملة «الحج عبادة وسلوك حضاري» تنطلق من استراتيجية تأصيل ثقافة البلد الحرام
حملة «الحج عبادة وسلوك حضاري» تنطلق من استراتيجية تأصيل ثقافة البلد الحرام
حملة «الحج عبادة وسلوك حضاري» تنطلق من استراتيجية تأصيل ثقافة البلد الحرام

تواصل حملة الحج عبادة وسلوك حضاري مسيرتها، للعام الخامس على التوالي، حيث كرّست 30 جهة تمثل القطاعين الحكومي والخاص إمكاناتها وطاقاتها البشرية والمادية لتفعيل رؤية إمارة منطقة مكة المكرمة الهادفة إلى تأكيد هذا المفهوم.

وأوضح الدكتور عبد العزيز الخضيري وكيل إمارة منطقة مكة المكرمة رئيس اللجنتين التنفيذية والتحضيرية لأعمال الحج، أن جميع الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية، وكذلك المؤسسات الأهلية المعنية بخدمة حجاج بيت الله الحرام، عازمون على تقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن لضمان أداء الحجاج شعائرهم التعبدية بسكينة وطمأنينة، والارتقاء بجودة تلك الخدمات لتعكس الوجه الحضاري للحج.

#2#

وأشار الدكتور الخضيري إلى أن القطاعات المشاركة في الحج بنت لها خبرات تراكمية طويلة من خلال عملها في مواسم الحج الماضية، لافتاً إلى أن ''الحج حدث استثنائي في زمانه ومكانه، ولا يشبهه أي تجمع بشري آخر في العالم''، وشدد على أنه ''لا يواجه أي بلد في العالم تحدي إدارة حشود تصل إلى قرابة ثلاثة ملايين نسمة يتجمعون في بقعة جغرافية صغيرة، ويلتزمون بمواقيت زمنية محدودة لأداء الشعائر''.

ولفت وكيل إمارة منطقة مكة المكرمة رئيس اللجنتين التنفيذية والتحضيرية لأعمال الحج، إلى أن مشاركة الجهات الحكومية في الحج تعمل وفق منظومة متكاملة من الخدمات المتكاملة، تشمل خدمات الإيواء والنقل والإرشاد الديني والأمن والصحة والسلامة العامة، وغيرها من الخدمات، مستعرضاً في الوقت نفسه نماذج من إسهامات الجهات الحكومية المشاركة في حج هذا العام.

وخلص إلى أن جميع القطاعات الحكومية بلا استثناء تعمل على تطوير أعمالها عاماً بعد آخر، من خلال اكتشاف جوانب الخلل والقصور في الموسم السابق لتلافيها في الموسم المقبل، وتنفيذ الحلول والمشاريع العاجلة والدائمة لتلافي جوانب الخلل والقصور وتصويبها. كما أن جميع العاملين في موسم الحج يدركون أن أي تقصير أو تهاون في أداء مسؤولياتهم تجاه الحجاج ــــ مهما كان حجمه صغيراً ــــ خط أحمر غير مقبول. وتشارك أكثر من 30 جهة حكومية وأهلية معنية بشؤون الحج والحجاج منها وزارات الحج، والثقافة والإعلام، والشؤون البلدية والقروية، والصحة، والشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، والتربية والتعليم، والتجارة والصناعة، والأمن العام، والدفاع المدني، والرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام، والأمانات، وأعضاء مجلس منطقة مكة المكرمة، وشركات الاتصالات، والخطوط الجوية السعودية، وهيئة الهلال الأحمر السعودي، ومؤسسات الطوافة، وشركات حجاج الداخل.

وبين الدكتور الخضيري أن حملة ''الحج عبادة وسلوك حضاري'' في عامها الخامس تنطلق من استراتيجية تأصيل ثقافة البلد الحرام خلال موسمي الحج والعمرة لكل من ضيوف الرحمن ومقدمي الخدمة والمجتمع كافة، وتتكئ على ثلاثة مرتكزات، الأول يتمثل في احترام المكان والحدث، والثاني في احترام الإنسان، والثالث في احترام النظام، مشيراً إلى أن الحملة تشمل جانبين (توعوي وتحذيري)، تنمي في مضامينها إحساس الحاج والمعتمر بمسؤوليته وهو يستعد لأداء الفريضة وحفزه على المبادرة لتغيير سلوكياته واستشعار دوره الإنساني المسلم المتحضر إزاء الحجاج وأداء الفريضة.

وللحملة أهداف اتصالية كبيرة لكل من له علاقة بالحج، وليس الغرض منها أن تكون حملة توعوية خاصّة بالحجّ فقط، بل هي مبادرة استراتيجية متعددة الأطراف تساند مفهوم قطاع الحجّ المتكامل الذي يجسّد الصالح العام لجميع الشركاء من خلال حملة استراتيجية تطلق هذه المبادرة. إن هذه الاستراتيجية تحمل برامج وحملات تكتيكيَة تفاعلية للحد من مظاهرة سلبية في الحج، منها الحد من عدد المخالفين (وهم مَن ينوي الحجّ بلا تصريح)، ومكافحة ظاهرة الافتراش، وتحسين البيئة الصحية ومعايير النظافة ومكافحة التلوّث في المشاعر، والقضاء على حملات الحجّ الوهمية، ومكافحة الحرائق في منطقة المشاعر المقدسة.

#3#

كما تستهدف الحملة عددا من الفئات، وهم يعتبرون شركاء الصالح العام ويجب تطوير العلاقة معهم في قطاع الحج وهم، المجتمع الحاضن الإنساني لفريضة الحجّ من المواطنين والمقيمين المسلمين، الممثّل لعامّة المسلمين، والاقتصاد وهم جميع العاملين والمستفيدين تجاريّاً من الحجّ قال تعالي: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَات)، والحكومة وتشمل جميع القطاعات الرسميّة المسؤولة عن خدمة حجّاج وضمان أمنهم وسلامتهم.

وكذلك المجتمع، وهم شركاء الصالح العام من مواطنين ومقيمين خاصّة من الجاليات المصريّة والبنجالية والباكستانية (استناداً إلى الإحصاءات الرسمية)، حيث تبين أنه لهم طرقهم للوصول إلى المشاعر بلا تصريح، ونسعى للوصول إلى الاستجابة المنشودة وهي الرغبة في أداء الفريضة بإتقان وبلا شوائب أو نواقص (لا تجرح حجّك)، كذلك استيعاب أهمّية الالتزام بالإطار التنظيمي للحجّ للأمن والسلامة وبشكل حضاري، واستشعار التكليف والتشريف واقترانه بالحسّ الوطني، وخطورة تسهيل المخالفة من خلال نقل الحجّاج المخالفين، كذلك ضرورة الالتزام بأنظمة البلد وجدّيّة التطبيق والعواقب، الحرص على الالتحاق بالحملات المعتمَدة التي توفّر تصريح الحج وكافّة الخدمات المريحة من نقل وإقامة وتموين وغيرها، الاهتمام بأمر الحجّ بنحو مسؤول وبنّاء يسعى لإدارته بأفضل طريقة ممكنة وبنتائج إيجابية، المشاركة الناشطة في تحقيق ذلك بدافع المسؤولية الاجتماعية والفردية عن طريق دعم الجهود التوعوية والمساعدة على إنجاحها.

كما سيتم خلال الحملة الاستفادة من الطاقات الشابّة من الجنسين في منطقة مكّة المكرّمة، حيث تبين أن لديهم استعدادا للتطوّع في أنشطة تنموية واجتماعية ودينية، والرغبة في اكتساب خبرات تنظيمية ومهارات مهنيّة، ونتمنى الوصول إلى الاستجابات المنشودة معهم وهي الحماس لتفعيل دورهم في العمل التطوّعي بالانخراط في ميدان الحجّ لدعم جهود التنظيم والأمن والسلامة والنظافة، نشوء قيادات شبابيّة تؤثّر إيجابيّاً على نظائرها في المجتمع. وخلال الحملة نستهدف شركاء الصالح العام الاقتصادي وهم، مؤسسات الطوافة وشركات الحجّ، المتعاملون مباشرة مع الحجّاج في نقلهم وإسكانهم وإعاشتهم، ونسعى على الاستجابات المنشودة، وعلى أن يكونوا امتداداً لتطبيق النظام على الأرض من خلال التحقّق من نظاميّة جميع الحجّاج المستفيدين من خدماتهم ومرافقهم، والتشدّد في تطبيق قواعد السلامة في مرافقهم كمنع إشعال النار للطبخ وغيره، التعاون في تطوير وتطبيق نظام لتصنيف الخدمة مرتبط بالأسعار (مثل النجوم للفنادق).

وكذلك نستهدف في هذه الحملة شركاء الصالح العام في القطاعات الحكومية، في الأمن وفي أجهزة وزارة الداخلية القائمة على تطبيق أنظمة الحجّ وضمان أمن الحجّاج، ونسعى إلى استيعاب الدور الجوهري وحجم المسؤولية التي تستوجب حُسن المعاملة وحسم التطبيق بمهنيّة عالية، الاقتناع بضرورة منع الحجاج غير النظاميين كواجب ديني ووطني، وفي البلديّة (أمانة العاصمة المقدّسة) وهي الجهة المسؤولة عن نظافة المشاعر المقدّسة، كما نسعى إلى استيعاب الأهمّية المضاعفة لمسؤوليتهم وضرورة ارتقائها لطهارة الحدث، الوعي بالنيّة لجعل قضية النظافة أولوية عالية ابتداءً من هذا الموسم، ما سيُسلّط الأضواء على أدائهم بشكل مكثّف.

ومن ضمن الجهات الحكومية المستهدفة في الحملة، الجهات الدينيّة الرسميّة مثل وزارة الشؤون الإسلامية، حيث يقومون بمهمّات توعويّة وميدانية في الحجّ، ونسعى من خلال الحملة إلى الاقتناع برؤية وخطط الحملة في الارتقاء بإدارته، والتكامل مع الجهود التوعويّة ودعمها في جهودهم وفي الميدان، التوعية بأنّ الحجّ النظامي بتصريح واجب لصالح الحجّ والحجّاج. كما أن الفكرة ترتكز على جانب التعاون الجماعي من خلال توحيد جهود جميع المشاركين في قطاع الحجّ، لذلك كان شعارنا ''يد الله تجمعنا''، التي نبني من خلالها قطاع الحجّ بروح التعاون الذي لا يمكننا الاستغناء عنه، نبرة تكافلية ذات مسؤولية مشتركة. كما أن رؤية الحملة تكمن في بناء الهويّة والمنصّة الاتّصاليّة للحجّ وبدء حقبة جديدة في إدارته تواكب الزخم التنموي الشامل الذي انطلق في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، من خلال تكريس جوانب المخاطبة الأساسيّة (الروحاني العاطفي، الأخلاقي السلوكي، النظامي). كما تسعى الحملة إلى رؤية طويلة الأمد للنموّ التوعوي، من أجل مواكبة التنمية والتطوير في المشاعر، وفي الأنظمة المتعلّقة بالحجّ، التوسّع في الاستراتيجيّة الاتّصاليّة لاحتواء الاحتياجات التوعويّة للحجّ، كقطاعٍ متنامٍ متكاملٍ يجمع فئات مختلفة ذات مصالح متبادَلة ومشترَكة. إضافة إلى بناء منصّة اتّصاليّة واستثمارها لصالح قطاع الحجّ والاستفادة منها بفعالية أكبر، كذلك البدء في تكريس مجال الحجّ كقطاع فريد يمثّل الصالح العامّ للوطن وللمسلمين، الذي تلتقي فيه أطراف المجتمع والاقتصاد والحكومة.

وبعد دراسة الوضع الحالي، وإجراء عدة بحوث على قطاعات الحج، خرجت الحملة بأفكار توعوية لبعض الإشكاليات، حيث يعتبر الحج وبشكل عام جهداً وعناء يتمنون تسهيله، لكن غايته التوبة والغفران والطمأنينة في جوّ روحاني يريدون تحقيقه، وهناك الحجاج غير المتحدثين بالعربية يحتاجون إلى توعية مؤثرة يتجاوبون معها خاصة لكثرة البسطاء فيهم، كذلك التشدد أكثر في التصدي للحجاج غير النظاميين، يجب تضافر كل الجهود الحكومية بفعالية لتحسين تنظيم الحج.

ومن ضمن أبرز المشاكل التي اكتشفت من خلال الدراسات وفي حج الأعوام السابقة الازدحام والتدافع، الافتراش ومظاهره غير الحضارية، المخلفات، إشعال النار للطبخ، نقص تنظيم حملات الحج ومراقبتها ومنع المزيفة منها. ومن أهمّ القضايا التي خرجت بعدة تداعيات، زيادة عدد الحجاج بصفة عامة والذين يتسللون للحج بلا تصريح وما يصاحب ذلك من افتراش وتأثير سلبي في خدمات النقل والنظافة والتغذية وخلافه، مما يستدعي تطوير منهج الأنظمة ذات الصلة بالحج، فالعمل جارٍ على تطبيق المسار الإلكتروني واللجان المختصة تطوّر مراكز الفرز والتفتيش على مداخل مكة لتنظيم عمليات الفرز وتسهيل الوصول للحجاج النظاميين ومنع غير النظاميين وردّهم.

وبرصد الواقع على الأرض وِفقاً لتجربة العاملين في الميدان، تبين أن الإسكان من المشاكل المُزمنة في المشاعر، حيث لا يتمّ الالتزام بحدود المخيّمات مِن قِبل المطوّفين فتتعدّى على المسارات ومناطق أخرى.

وتبين أن فترات الطواف تشكّل أزمات احتقان بسبب عامل الوقت المحدود وإصرار الحجاج على أدائه خلال الفترة الضيقة، وكذلك في مزدلفة أثناء النفرة من عرفة والصلاة في مسجد نمرة، وهناك رسالة من خلال الحملة إلى المطوفين الذين بإمكانهم التعاون بصفة أكبر في التفويج، كما يجب البحث في الرخص الشرعية التي قد تيسّر على الحاج وتسهّل تنظيم الفريضة، ومن ضمن رسائل الحملة بعد أن ظهرت كثرة المخالفين من الجاليات، التوعية لمنسوبي الوزارات والبحث عن حلول.

نأمل من تحويل الحملة إلى قطاع حج متكامل إلى تضافر الجهود وتوحيدها وتحقيق التوافق والاصطفاف المطلوب بين سائر القائمين على إدارة وتنظيم المناسبة الدينية الأكبر حتى نرتقي بروحانية الحدث وقداسة المكان.

الأكثر قراءة