دور المساجد في خدمة المجتمع
رغم العدد الكبير للمساجد والجوامع في المملكة إلا أنها تفتقد في أغلبها ممارسة أي دور اجتماعي في المحافظة على البنية المجتمعية. هي دور للعبادة فقط يتم إغلاقها بمجرد الانتهاء من أداء الشعائر الدينية المفروضة، أو أدائها قليلا من دورها في المحافظة على كتاب الله وتدارسه. ذُكر في صحيفة المدينة على لسان الدكتور توفيق السديري ـ وكيل وزارة الشؤون الإسلامية لشؤون المساجد ـ أن الوزارة تشرف على ما يزيد عن (73 ألف مسجد)، وتزداد سنوياً بمعدل 4 في المائة (المدينة، 03/02/2010). في منطقة الرياض فقط 12094 مسجدا وجامعا، كما صرح به الدكتور عبد الله الحامد مدير عام فرع وزارة الشؤون الإسلامية في منطقة الرياض (الاقتصادية، 5567).
في كثير من الدول الإسلامية يلاحظ أن المسجد يتخطى كونه دارا لأداء الصلوات المفروضة فقط. فهو مركز اجتماعي تهفو إليه أرواح المجاورين إليه، يتعبدون الله فيه، ويلتقون ببعضهم ويكونون كالبنيان المرصوص؛ يشد بعضه بعضا أو كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم.
الجمعيات الخيرية منوط بها العبء الأكبر في مساعدة فقراء المجتمع وخاصة المتعففين منهم. وهؤلاء هم الذين يشكلون الحد الفاصل بين طبقتي الفقر وطبقة العدم. ويكون الوصول إليهم بصعوبة لتعففهم عن السؤال. ولكن يبقى الدور المُثقل على الجمعيات الخيرية للبحث عنهم والتحقق من حالتهم ومساعدتهم، من خلال برامج الجمعيات الخيرية أو من خلال الدعم الحكومي الذي تقدمه الدولة بسخاء للمحتاجين.
القصص التي تدمي القلب كثيرة، واحدة منها عُرضت من خلال البرنامج الإذاعي "الدين المعاملة" للدكتور عبد العزيز الزير على إذاعة (UFM) والمعروفة بقصة "أم خالد". اشتكت هذه السيدة من العوز وقلة الحيلة، عرضت واقعا مؤلما في رفض الجمعيات الخيرية أو الشؤون الاجتماعية منحها المساعدة بحجة أن المساعدة مقتصرة فقط على الأرامل أو الأيتام. نكئت جرحا غائرا في نظامنا الصحي الذي لا يولي أصحاب الاحتياجات الخاصة أولوية أو اهتماما لرعايتهم من خلال عجزها عن إيصال ابنها الذي يعاني الإعاقة لتلقي العلاج. قالتها بكل تجرد إن تكاليف المعيشة، والإيجار، ومصاريف التعليم والحياة اليومية ترهق كاهلها ولا تجد من يعينها بشكل مستديم لتجاوز هذه الحالة التي تحاول أن تتعايش معها، إلا من خلال ما يجود به المحسنون والمحسنات مما ينقطع مع مرور الزمن.
هنا أتساءل لماذا تغيب مكاتب هذه الجمعيات الخيرية ومكاتب العمد عن الجوامع الرئيسة على الأقل. وكيف سيكون تنظيم العمل التطوعي والخيري إذا بدأت تنطلق من هذه الجوامع. وكيف سيتم معالجة مشكلة الفقر، وقضايا المخدرات والتفحيط وغيرها من القضايا التي أرهقت الجهات الرسمية والبحثية.
مما لا شك فيه أن وجود مكاتب للجمعيات الخيرية في هذه الجوامع، أو تفريغ أئمتها وإسناد المهمة المجتمعية لهم سيساعد في حل الكثير من قضايانا، وسيكون مساعدا رئيسا لدعم برامج الشؤون الاجتماعية وتوجيه الدعم الحكومي والخيري لخدمة المحتاجين في أماكنهم.
وكل عام وأنتم بخير.