الهوية العربية
هناك خلط فادح بين الاعتزاز بالهوية العربية وبين الحذر من خزعبلات القومية العربية. تنمية الاعتزاز بالهوية الوطنية ومن ثم الهوية العربية أحد الأسس التي يمكنها أن تخفف من حدة الاستلاب الذي يعانيه العرب أفرادا وجماعات. هذا الأمر بدأ يتغلغل في ثقافتنا من خلال كتابات تمعن في الدونية وجلد الذات. أصبحت الثقة بفضاء عربي جميل، مدعاة للسخرية والتندر. إن مقومات الجغرافيا تؤسس لبناء نسق اقتصادي قوي وفاعل، لو توافرت الأسباب الضرورية لمثل هذه الخطوة. لكن يبدو أن ما شهده العرب خلال عصور التاريخ الماضية، قد أوجد نوعا من العجز المطبق، الذي يحاول البعض كسر حدته من خلال مغامرات فردية. من هؤلاء العالم المصري الدكتور أحمد زويل وآخرون. إن عبء التاريخ الذي جعل العرب ينتقلون تدريجيا منذ أواخر عهد الدولة العباسية إلى العهدة الأجنبية، أوجد نوعا من الاستغلال للعرب، ظهرت نتائجه في استحواذ مؤسس في عصور الجواري والمماليك على النخب العليا. ومن يقرأ التاريخ يجد أن هذا الأمر أسس لاستعمار مغولي وتتري ومملوكي وكردي وتركي. ومع سقوط رهانات العثمانيين على هتلر، تم انتقال التركة العثمانية إلى المستعمر الأوروبي.
صحيح أن العالم العربي تخلص من الاستعمار، لكن تجارب قرون طويلة من الاستلاب، واستغلال فكرة القومية العربية وتجاربها البائسة، عززت الإحساس بأننا أمة في مهب الريح. الذين يزعمون أن اعتزازنا بهويتنا العربية يتعارض مع تديننا هم جهلة أو مرتزقة.