ويسألونك عن الكتاب

ويسألونك عن الكتاب

زاوية أسبوعية تستقبل أسئلة قرّاء "الاقتصادية" حول شؤون القراءة والكتاب، ويجيب عليها الزميل: حسن آل حمادة الباحث في شؤون الثقافة والعلاج بالقراءة.
أرسل سؤالك: [email protected]

كيف تنمي الأسرة حب القراءة عند أطفالها؟

تكرر هذا السؤال بأكثر من صيغة ومن أكثر من قارئ، لذا خصصنا له الزاوية لهذا الأسبوع.
توجد خطوات عديدة لتنمية حب القراءة لدى الأطفال، ومن الأمور المقترحة على صعيد الأسرة التالي:
1- أن تخصص الأسرة غرفة في المنزل تحمل عنوان "المكتبة المنزلية"، ولا نكتفي بذلك، بل يفترض أن نجعل الكتاب والمواد القرائية في كل زاوية من زوايا المنزل! ليبصرها الطفل حيثما شخص ببصره. فكما نهتم بوضع التحف واللوحات الفنية، فلتصاحبها الكتب، والفضول سيدفعنا جميعا، لتصفّح ما تقع عليه أيدينا. ونقترح أيضا تخصيص (ركن) خاص بالأطفال ضمن المكتبة المنزلية، إضافة لتخصيص أرفف معيَّنة داخل غرف نومهم.
2- أن يمثِّل الآباء دور القدوة، فإن تربى الطفل في أسرة قارئة ــــ توفر المناخ المناسب لتنمية القراءة ــــ فبطبيعة الحال سيغدو قارئا نهما والعكس صحيح.
3- أن نقرأ للطفل منذ فترة مبكرة من حياته، وأن نستمر في القراءة له ومعه، حتى وإن أجاد القراءة بمفرده. فقراءة الأبوين، تبعث في الطفل الطمأنينة والأمان، وتشعره بالأهمية لديهما، وإن كبر سنه.
4- التدرّج مع الطفل لتحفيزه على القراءة المستمرة، وننصح بتوفير الكتب المصورة أولا، لتتبعها الكتب التي تتضمن كلمة أو كلمتين بجانب الصور، ثم السطر والسطرين، لتزداد تدريجيا الكلمات وتتقلص الصور. ونؤكد هنا على عدم وجود سن محددة يتفق عليها الباحثون للبدء في القراءة للطفل، لذا يشجع الكثير من المختصين أن نقرأ للطفل وهو جنين في بطن أمه! كأن نقرأ له القرآن الكريم والأدعية، ونحن نعلم أن الأمهات يتحدثن لأطفالهن، وهم في الرحم، وقراءة القرآن للأطفال أفضل من أي حديث آخر.
5- دعه يختار كتبه بنفسه. فمع عنايتنا وتوجيهنا للطفل، يحبذ أن نشجعه على أن يختار كتبه بنفسه، فنحن قد نفشل ـــ كآباء وأمهات ــــ في تحفيز الطفل ليصبح قارئا نهما، لأننا لا نتبع طرقا صحيحة في ذلك، كأن نجبره على قراءة مواد نظن أنها تناسبه، وهي قد لا تُمَثِّل له أهمية تذكر. ولنتذكر دائما أن من جملة الأسباب التي تجعل الأطفال يعزفون عن القراءة، هي عدم توافر المادة القرائية المناسبة لمستوياتهم: العمرية والتعليمية. ونقولها هنا بوضوح: إن إرغام الأطفال على قراءة كتب متقدِّمة عليهم عمريا تُعَدُّ بمثابة المسمار الأخير الذي نثبته في جنازة عزفهم عن القراءة.
6- لتحفيز الطفل على القراءة، يتحتم علينا أن نخصص وقتًا معينًا لاصطحابه لمتاجر بيع الكتب، أسبوعيًا أو شهريًا.
7- أن نتبادل الحديث الثقافي مع الأطفال عن آخر ما قرأنا وقرأوا، مع سرد جديد المكتبات من الإصدارات الثقافية، هي وسيلة مشجعة على التهام المزيد من الكتب.
8- تقديم الهدايا، كمكافأة للطفل عندما ينتهي من قراءة أي مادة قرائية، وليس بالضرورة أن تكون الهدية (مادية) دائما، فالطفل في حاجة للهدية (المعنوية) التي تبدأ بالقبلة، لتتخللها الكلمات التشجيعية والمُحرضة على المزيد من القراءة، لتنتهي بالقُبلة مجددًا.
9- تحايل لتشجيع طفلك على القراءة، كأن تُمثِّل أنك مجهد وترغب منه أن يقرأ لك قصة أو قصيدة من كتاب جديد اشتريته. فعملية كهذه ستسعده أولا، وقد تدفعه ثانيا ـــ وهذا هو المطلب ــــ لقراءة بقية القصص بشكل منفرد.
10- لا تُجِب بإسهاب، على أسئلة الطفل. بل شجعه، ليبحث بنفسه عن الإجابات المتعلقة بأسئلته في المصادر المكتوبة، وبإمكانك أن تدّعي أنك لا تستحضر الإجابة الشافية على سؤاله، أو أن إجابتك قد لا تكون دقيقة، ومن أجل أن يطمئن قلبك من صحة الإجابة، اقترح عليه قراءة المعلومة أو الفكرة في كتاب معين.
11- لا تغضب إن مزّق طفلك الكتاب، فالأهم ألاّ تمزق قلبه، فيلاحظ أن بعض الآباء قد يبالغون في المحافظة على الكتب، فتجدهم ينهرون الطفل عندما يجدونه مقلبا صفحات كتاب معين يخصهم، فإن أمسك الطفل بكتب لا تعنيه، فلنأخذها منه بدبلوماسية لا تؤسس للقطيعة بينه وبين الكتاب مستقبلا.
12- ليتذكر الجميع أن البعض لا يقرأ ولا يميل للقراءة، لأنه لا يستطيع القراءة بشكل صحيح، وهذه مسؤولية مشتركة بين المدرسة والآباء معا، ولنتذكر أن القراءة تثري الحصيلة اللغوية لدى الأطفال، ومن يمتلك حصيلة جيدة من الكلمات والألفاظ، فسيرغب في المزيد من القراءة.
وأود أن أختم حديثي بنقطة مهمة هنا: فالبعض من الآباء قد ينتهج ممارسة خاطئة، حين يطلب من طفله أن يقرأ بمعدل مبالغ فيه، ليصبح بمستوى شخص متفوق ومحبب إليه! وهذا الأسلوب يُعَّدُّ مقتلا للطفل.

الأكثر قراءة