سري للغاية
طالبت التأمينات في تقرير نشرته «الاقتصادية» الأربعاء الماضي بربط إلكتروني بين الخدمة المدنية والقطاعات العسكرية بعد تسرب عمليات استغلال أسماء وبطاقات لعسكريين وتسجيلهم في التأمينات باعتبارهم موظفين في القطاع الخاص دون علمهم للتحايل على أنظمة وزارة العمل فيما يخص رفع نسبة توطين الوظائف.
هذا الأمر يعيدنا إلى مسألة السري وغير السري فيما يخص أمننا القومي. الأسبوع الماضي كانت إحدى شركات الاتصالات الثلاث توجه إعلانات مباشرة للعسكريين بعروض وبرامج خاصة بهم. هذه ثغرة أخرى مرت مرور الكرام.
الحقيقة أن هامش ''سري جدا'' يبدو فضفاضا للغاية، إذ إن التدقيق يتم في تفاصيل كثيرة، لكن سرعان ما تكتشف أن هناك تفريط في أمور أخرى. عقود التقنية على سبيل المثال، صارت نوافذ للتسريب المقصود أو غير المقصود. وفي ظل استحواذ شركات عالمية كبرى لن أورد أسماءها هنا على الحصة الأكبر من العقود في وزارات عدة، فإن هامش ''سري جدا'' يبقى واقفا بالمرصاد لإنسان عادي يهم بالدخول للمراجعة على معاملة ما، بينما الآخر الذي يمثل الشركة المتعاقدة، يعبر ببطاقته الأمنية مثله مثل أي فرد في هذه المنشأة أو تلك.
إن الاختراق الذي تعرضت له ''أرامكو''، والتسريبات التي نراها لخطابات وأوراق وأرقام، وأخيرا التجاوزات التي يمارسها بعض الجشعين في القطاع الخاص من خلال استغلال أسماء العاملين في القطاع العسكري دون علمهم تؤكد أهمية إعادة النظر في مفهوم ''سري جدا''.
إن من المفهوم أن تصدر الأجهزة الرسمية الحساسة قرارات بمنع دخول بعض الهواتف الذكية، أسوة بدول أكثر تقدما منا، ولكن من الضروري أيضا أن يتم تسوير المعلومات الخاصة وعدم السماح لشركة اتصالات أو سواها بجدولتها باعتبارها تمثل قطاعا عسكريا أو تربويا أو صحيا، خاصة أن أمن معلومات الناس في شركات الاتصالات غير محمية، وإن حاولوا تأكيد الحماية. والدليل شلال الرسائل التي تصب عليك من هنا وهناك، لأن موظفا في تلك الشركة أو تلك ''باعك'' كرقم لمن دفع له مالا.