رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


عقد المعلمين والمعلمات لا يضمن الحقوق

بعد أن اجتمعت اللجان من جهات عدة لإصدار عقد موحد لمعلمي ومعلمات مدارس القطاع الأهلي السعوديين لتحسين أوضاعهم، صدر العقد ليتابع ويشرف على تنفيذه صندوق الموارد البشرية لأهمية التوفيق بين تسجيل المعلمين وتنفيذ عقد العمل من الناحية المالية! المشكلة الآن أن المعنيين أنفسهم (المعلمين والمعلمات) تضجروا من هذا العقد الذي علق آمالهم بعد أن استبشروا كل الخير في إنقاذهم بعد سنين من المطالبة بحقوق تقاربهم من حقوق منسوبي المدارس الحكومية عطاء وأداء.
العقد في حد ذاته جاء ليضمن حقوق المعلمين والمعلمات في القطاع الأهلي حسب قيمة كل فرد تخصصا وخبرة ومستوى تأهيل. المشكلة أنه ليس كذلك في العديد من بنوده ما دل على أنه بني على اجتهاد وتعجل. قد يبرر الاستعجال ولكن لا يعني ذلك جعل ''التعليم'' صيدا في هذه العملية ولا يقدر حق قدره. هذا العقد وما تلاه من قرارات جعل التعليم يعود إلى خانة ''اللت والعجن'' بالرغم من أن وزارة التربية والتعليم تميزت ''مشكورة'' خلال السنوات الخمس الماضية بتحركات إيجابية في كل اتجاه لتحسين البيئة والبنى التحتية ووضع التعليم في المسار الصحيح بشكل ممنهج مراعين في ذلك الأسلوب العصري في التعامل مع مكونات العملية. أن في بعض بنود هذا العقد نسلب المدرسة مهمتها في أن تكون صرحا لبناء عقول وتنمية معرفة وتحسين أخلاقيات أبنائنا وبناتنا لبنات جيل المستقبل. نحن بهذا العقد نطلب من الموقع عليه الطحن ولا نعرف ما إذا كان ما يطحنه مناسبا أو غير مناسب.
لقد جاء العقد في تسعة بنود تعددت فقراتها بين 3-9 فقرات حسب المحور والحالات التي يغطيها كل بند. في مجمله إرادةٌ لحفظ حقوق وتنظيم أداء عمل، وتحسين بيئته من الناحية العملية. ولكن كمهنة ''تعليم'' فقد وقع اللبس ولا أدري كيف لم يكرس الوقت لطرح الاحتمالات واقتراح الصيغ لتفادي ذلك. إن بمراجعة بنود العقد وجد أنه لم يحاكِ وضع ''المعلمة'' تحديداً في كثير من الأمور ومنها المواصلات والساعات الطويلة خارج المنزل والبديل عند الوضع ونمط الحياة في كثير من المناطق. أقول ذلك لأن البنى التحتية ما زالت تحتاج إلى سنين طويلة في كثير من المناطق والمحافظات وتبعة توقيع العقد ستكون وخيمة. إن خلط مفهوم القيام بمهمة التدريس لدى قطاع الأعمال وأي وظيفة أخرى في جهاز إداري أو إنتاجي تجاري كان واضحا في وضع أكثر فقرات بنود العقد. كما أن قلب نظام العمل (ليضم التعليم فيه) بين ليلة وضحاها من دون إرساء ثقافة، وتمهيد بيئة، وتحسين نظم، وتنسيق أعمال، يعني ''ارتجال تنمية''، وهذا بعيد كل البعد عن واقعنا المتطور والنامي بتسارع كبير - ولله الحمد.
إن سلامة الفرد وأمنه والقيام بواجباته التي اختير من أجلها للعمل والقيام بمهامه داخل منشأة لا عمل بها لأكثر من 80 يوما (مثلاً) من شأن وزارة التربية في النهاية. بالضبط كما يعنيها تعيين مديرة بمعايير محددة ووكيلة باشتراطات معينة ومعلمة بمقاييس معروفة. هذا لأن الوزارة يعنيها المدرس المؤهل والمديرة المناسبة والاختبارات القياسية والانضباط التعليمي في كل مدرسة وتنفيذ التعاميم العامة ليكون الرافد كالمقدم الأساس. المعلم أو المعلمة عموما لا يستطيعان العمل كدباغ جلود أو محاسب قانوني أو منفذ لأعمال الصرف الصحي وخلافه، ولكن يمكن للمعلمة مثلا أن تحافظ على سلامة الأطفال أكثر من بسيطة التعليم ذات التأهيل البسيط أو عديمته بمرافقة البنات في باص المدرسة لحين عودة الطالبات ونفسها لأهاليهن. هذا الشأن مرفوض في القطاع الأهلي للرغبة في تشغيل أكبر عدد من القوى العاملة وعدم امتهان قدر المعلمة... إلخ. ما لم يؤخذ في الحسبان إضافة نقطة أو فقرة لهذا العمل لم تكن واردة لأن على الأقل 5-20 موظفة إضافية ستكون مدرجة في كثير من المدارس، الأمر الذي يعني ''ضرورة توفير'' و''إضافة تكاليف''، ما يعني إضافة جديدة على الرسوم المدرسية. من ناحية أخرى لم يكن للخبرة أي قيمة في العقد أو في أي وثيقة مصاحبة، فالخريج الحديث مثله مثل الخبير ذي العشرين عاما في خبرة تدريسه. وهنا يمكن القول إنه طالما أن العقد جاء ليصحح أوضاع فئة فلماذا لم يؤخذ في الحسبان قيمة التخصص والمؤهل وسنوات الخبرة والدورات التدريبية في مقدار الراتب؟ أما من ناحية الدوام الرسمي فتكليف المتعاقد بالعمل بين ثماني ساعات يومية وأداء 24 حصة في الأسبوع كحد أقصى للنصاب، مسألة محيرة في تنفيذها، لأن في إحدى الفقرات يعوض المعلم عن كل حصة يكلف بها بزيادة على النصاب. هذا الوضع المحير هو ما أقصده في كتابة مثل هذه العقود.
لقد كان من الأجدى أن تتدخل وزارة التربية والتعليم بقوة في وضع وصياغة كثير من بنود عقد ''العمل'' حتى يكون سليما عند القيام بالعملية التعليمية ولا يؤخر توقيعه ويثير الجدل حوله. ليت المعنيين يوحدوا الأنظمة ويراعوا في بناء العقود وظيفة ومهام القطاع التعليمي الذي يضم أسمى الوظائف الإنسانية في تنمية الإنسان.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي