رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


مَن نصدق في التقييم؟

تلعب بيوت الاستشارات المالية دوراً حيوياً ومهماً في بيئة سوق المال بشكل عام، حيث تشكل جزءاً ضرورياً في البنية الأساسية له ومكملاً محورياً لوجود سوق يعمل بطريقة مهنية واحترافية عالية وكفؤة. ولذا كلما ازدادت كفاءة هذه الدور الاستشارية في دورها وخصوصاً حين إبداء الرأي بحيادية وبمهنية عالية، زادت من كفاءة السوق وصار التعامل فيه عادلاً، وبالتالي فأسعار تلك المنتجات "وهي منتجات مالية والتي تباع وتشترى" فيه ستكون بقيمتها الحقيقية الفعلية دون زيادة أو نقص غير مبرر. وفي الأسواق العالمية هناك أسماء لامعة في أسواقها المالية، حيث يشتهر عنها المصداقية لحياديتها ويستخدمها المتعاملون في الأسواق كجزء مهم حين عمل القرار الاستثماري، ولذا يتابعون بشكل مستمر ما تنشره هذه الدور الاستشارية من تقارير أو تصاريح أو تصنيف للأمور المالية أو الاقتصادية المختلفة. وفي سوقنا المحلية هناك مثل هذه الدور وبيوت الاستشارات المالية والتي إما أن تكون تتبع أحد المصارف أو الشركات المالية، حيث تنشر بعض من تقاريرها للعامة والتي في الأصل عملت لمصلحة المصرف أو الشركة المالية ذاتها أو تكون مستقلة تماماً ولا تقدم غير معلومات إحصائية أو تقارير فنية اقتصادية متخصّصة وذلك من منظورها المهني.
وهذا ليس شيئاً جديداً في عالم الأسواق المالية المتقدم منها أو الناشئ، غير أن الرقابة على النوع الأول تزداد نظراً لما يسمى مبدأ تضارب المصالح وذلك خوفا من تسيير آرائها حول منتج معين لمصلحة المصرف أو الشركة التي خرجت منها هذه التقارير أو التقييم. وحين نتحدث عن سوق كالسوق السعودي والذي يعتبر سوقاً ناشئاً، فمن المتوقع أن يكون هناك تدن في حجم هذه الرقابة وبالتالي المصداقية في تلك التقارير والتقييمات لمختلف المنتجات المالية الواردة فيها، فمثلا حين يُقال السعر المستهدف لأحد الأسهم هو كذا، في حين أن إحدى محافظ هذا المصرف أو الشركة المالية يحتوي على ذلك السهم، فلربما وضع هذا التقييم للوصول إلى هذا السعر وفي ذلك بكل تأكيد عدم حيادية أو مصداقية مهنية في التقييم.
إنني أدرك أن هناك مراقبة على مثل هذه التقارير والتقييمات لكنها لا ترقى إلى ذلك المستوى الحازم والدقيق والذي يؤهلها إلى الجزم بأنها ذات حيادية كاملة، ولذا يجب أن يزداد دور المراقب الشرعي لسوقنا المالي في هذا الجانب، وبالتالي الحد من سد الثغرات التي يمكن أن تكون مصدراً للتلاعب في السوق لأننا نطمح إلى أن يستقيم سوقنا بشكل يؤهله إلى تأدية دوره المعروف والمطلوب نظرياً وإلا فستستمر النظرة إلى السوق في كونه (محرقة للثروات) بدلا من كونه قناة لحشد المدخرات وتوظيفها في الإنتاجية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي