التأمين الطبي حلم المواطن.. يا معالي الوزير
قلت في مقال سابق "لن يرتاح المواطن حتى يضع في جيبه بطاقة تأمين يستطيع إبرازها عند طلبه للعلاج في مستشفى حكومي أو خاص" وخلال الأسبوع الماضي استمعت إلى مكالمة إذاعية من مواطن يقول فيها "إن زوجته حامل في الشهر السابع ودخلت في غيبوبة وصدرت أوامر عليا بعلاجها في المستشفيات الكبرى في العاصمة؛ لكن لم يتوافر لها سرير حتى الآن وهو يخشى على حياتها"، وقالت المذيعة: "نرجو من مستمعينا المساعدة على البحث عن سرير لهذه المواطنة حفاظاً على حياتها"، وإذا صحت هذه الحالة فإنها تعطي صورة غير مطمئنة عن واقع مستوى الخدمات الطبية لدينا والذي لا ندري إلى متى سيظل هكذا.. خاصة أن وزارة الصحة كما عبّر وزيرها في مجلس الشورى ترى أن "تطبيق التأمين الطبي للمواطنين ليس من السهل ولا يُقاس بتجربة التطبيق على المقيمين، موضحاً أن التأمين الطبي يعتبر مصدر تمويل ولا يشكل نوعاً من أنواع تطور الخدمات الطبية ويحتاج الأمر إلى دراسة واسعة تقوم بها الوزارة حالياً".
وفي اعتقادي أننا لا نخترع العجلة من جديد، فعديد من دول العالم لديها تأمين طبي لمواطنيها.. كما يجب ألا نقلل من نجاح تجربة تطبيق التأمين على المقيمين وعلى شرائح من السعوديين العاملين في القطاع الخاص وعائلاتهم وحتى موظفي بعض الجهات الحكومية.. ولعل أهم ما يجب أن تعمل عليه وزارة الصحة بدل ورش العمل التي قد تستغرق وقتاً طويلاً أن تجتمع مع المستثمرين في القطاع الصحي لكي يستعدوا للخطوة التي سيتم تطبيقها في تاريخ محدد ولو كان بعيداً بعض الشيء.. حيث يعمل هؤلاء على التوسع في إيجاد مستشفيات مجهزة وحديثة، كما فعلوا حينما طبّق التأمين على المقيمين.. كما أن من المهم الاجتماع مع شركات التأمين لكي تعمل على الاندماج أو تحسين أوضاعها ورفع رؤوس أموالها حتى تكون كيانات قوية قادرة على الوفاء بالتزاماتها.
والخلاصة: سيظل التأمين الطبي حلم كل مواطن، وخاصة في المناطق النائية التي لا تتوافر فيها المستشفيات الكبرى الحديثة، حيث تتعاون وزارة الصحة مع القطاع الخاص لتوفير الخدمات الطبية الجيدة في تلك المناطق.
وأخيراً: مهما تكن الصعوبات التي أشار إليها وزير الصحة في مجلس الشورى، فإن تذليلها ليس بالأمر المستحيل في ظل حرص القيادة على توفير جميع الخدمات وبالذات الصحية للمواطنين.. ومع تلك الوفرة المالية غير المسبوقة فإن اقتطاع جزء من موازنة وزارة الصحة الكبيرة لتحمل بوليصة توفر الحد المناسب من الخدمة للمواطنين سيجعل الأمن الصحي أفضل ويفرغ وزارة الصحة بشكل أكبر للتخطيط والتطوير والإشراف ويبقى بعد ذلك أن تحدد وزارة الصحة تاريخاً لتطبيق التأمين الطبي للمواطنين ولو على مراحل لكي يستعد القطاع الخاص وشركات التأمين لهذه النقلة النوعية المهة.. ومن لم يستطع أن يستعد خلال فترة المهلة المحدودة من المستشفيات وشركات التأمين فسيبقى خارج المعادلة لأنه لم يحقق الضوابط والشروط الموضوعة بدقة وعناية وشفافية من قبل وزارة الصحة بصفتها المشرف على تأمين خدمة صحية عالية الجودة للمواطنين.