رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


فطور جماعي

حين قمت بمراجعة أحد الأقسام النسائية لم أجد الموظفة في مكتبها فاستفسرت من المستخدمة فقالت إنها تتناول إفطارها فانتظريها، جلست في انتظارها عشر دقائق .. 20 دقيقة .. 30 دقيقة .. إلى أن نفد صبري، فذهبت للمستخدمة مرة أخرى وقلت لها من فضلك أخبريها أني أنتظر! فظهر الإحراج والتردّد والخوف عليها وقالت بتلعثم (اسمحيلي يا بنيتي والله أخاف تعصب عليّ)، قلت أين مكان تناولها الإفطار دليني عليه فقط فأشارت نحو باب مغلق ذهبت إليه وطرقته بلطف ثم دخلت حيث استقبلتني رائحة التونة العنيفة وخبز التميس..، وبمنتهى الأدب تساءلت: "من منكم الموظفة فلانة؟" فردّت وهي تدير ظهرها لي "أنا، خير وش فيه؟" قلت": أبداً سلامتك، معاملة أريد منك ختمها".
ردّت باستهتار "ما تقدرين تنتظرين شوي وانتي تشوفيني أفطر؟" أجبتها وأنا أسحب نفساً عميقاً وأحاول التصبر بعد أن نفد الصبر: "انتظرتك بما يكفي وانتظرني زوجي تحت لهيب الشمس بما يكفي، وسأذهب الآن للمديرة لأطلب منها ختم معاملتي، وإفطاراً هنيئاً"، فهبت واقفة ولحقت بي وخلال خمس دقائق كانت قد ختمت المعاملة ورمتها بوجهي وهي تدعو الله ألا تراني ثانية!
الفطور الجماعي الذي تبسط فيه السفرة وتتنوع فوقها الأطباق والمأكولات وكأن الموظفات والموظفين في حفلة عرس أو استراحة مستأجرة، ألا من وقفة جادة نحوه من قِبل المسؤولين المباشرين؟ فالوقت المهدر في "مصمصة " الكاتشاب، ووصف طريقة البيتزا للزميلات، "وتقنيد " الرأس بفنجال القهوة وأطباق الحلا، هو من حق المراجعين والمراجعات، علاوة على المظهر غير الحضاري حين تدخل لقسم معين وتشاهد فناجيل القهوة و"الزمزميات" وأطباق الحلا فوق المكتب وبجانب الأوراق والمعاملات والخطابات، أنا لا أدعو للصيام وقت العمل، ولكن تنظيم الأمر واجب من قِبل المسؤولين، حيث لا يصبح الفطور الجماعي حجرة عثرة أمام تسهيل مراجعات المراجعين وتأخير معاملاتهم، خاصة أن الأغلبية منهم مرتبطون أيضاً بجهات عمل تسمح لهم بزمن معين للمراجعة.
قبل فترة اتصلت بي أم تشكو من أنها ذهبت بطفلتها لقسم الإسعاف في مستشفى خاص شهير، وبعد أن دفعت ثمن الكشف ذهبت إلى غرفة التمريض لأخذ حرارة طفلتها من قِبل الممرضة، تقول وبمجرد أن دخلنا الغرفة كاد يغمى عليّ من رائحة السمك الغريبة الذي كانت تتناوله الممرضة فقد كانت رائحته لا تُطاق أما ابنتي فقد أصيبت بنوبة استفراغ ورفضت أن تعود للغرفة رغم محاولاتي وحين حاولت إرجاع قيمة الكشف رفضوا لأنهم اعتبروا الأمر "دلع بنات" فاضطرت للذهاب بها إلى مستشفى آخر.
وقبل أسبوع وصلتني رسالة من مدير إحدى الإدارات النسائية، يقول: بعد انتهاء عمل الموظفات ذهبت مع عدد من الموظفين في جولة تفقدية لأقسام المبنى وكنت قبلها قد أخبرتهم بذلك مسبقا، وفُوجئت حين دخلت أحد الأقسام ووجدت سفرة ممدودة بين المكاتب وفوقها صحون فيها بقايا "مطازيز وجريش وكشري"، وظننت لوهلة أنني في مطعم شعبي لا في قسم إداري مهم، كان الأمر قمة في الاستهتار واللامبالاة في نظري من قِبل هؤلاء الإداريات، خاصة أن المستخدمة نظاماً غير مكلفة بتنظيف سفرة الفطور الجماعي من بعدهن..!
حقا يجب ألا يكون الفطور الجماعي سبباً في تعطيل مصالح العباد!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي