سوقنا المالي والارتداد
كل أسواق العالم وعند حدوث صدمة معلوماتية تهبط عن مستواها لتتفاعل مع الخبر ولكن ومع بداية اليوم التالي يحدث نوع من الارتداد والارتفاع من زاوية أن الفرد يتفاعل بقوة وسلبية بحيث يتخطى القيمة العادلة. ولكن اعتدنا من سوقنا السلبية حتى في هذه، حيث لا نجد أي نوع من الارتداد بعد اليوم الأول، بل استمرار في التراجع والهبوط. وكأن سوقنا يقول إن التراجع لم يكن كافيا ولا بد من مزيد من الاحتياط، ولو حتى أخذناها نسبة وتناسبا لوجدنا أن التراجع حجما هو الأكبر عندنا منسوبا لقيمة المؤشر مقارنة بالغير.
والسؤال لماذا عندنا هذا الحذر والسلوك مقارنة بأسواقنا في فترات سابقة؟ والإجابة تكمن في انخفاض الثقة والتخوف من التلاعب من خلال التحرك غير الواقعي أو بصورة أكبر من المضاربين السلبيين في السوق. في الواقع حتى هذه الفئة أصبح توجهها ووجودها في السوق أقل بكثير من السابق وخاصة بعد 2008، فهذه الفئة تجد مناخا خصبا عند صعود السوق وليس تراجعه. وبالتالي نجد أن الحذر الحالي والترقب غير مبرر أو مفهوم، فالمساحة السلبية التي كانت موجودة في السابق خفت بصورة كبيرة.
هل هناك أمل في سوقنا؟ والإجابة طالما أن ربحية الشركات في نمو وطالما أن عدد الشركات الرابحة في تزايد والفرص الفارغة انخفضت، والمتداولون يؤمنون بمعقولية العائد والربحية من السوق، وأن التدبيلات ولي زمنها سيبدأ سوقنا في التحول نحو التوجه الصحيح. الوعي الاستثماري وتحسنه أمر مهم وحيوي لأي سوق مالي حتي ينجح ويحقق الهدف. وللأسف في الفترة الماضية (2004 ـ 2008) لم يكن الوعي الاستثماري المؤسسي أو الفردي على قدر المسؤولية أو التفهم، الأمر الذي وضعنا في ركن لا نحسد عليه.
المستقبل بحول الله واعد ونستطيع تلمسه من تفاعل السوق وتحركه في الفترة الحالية، حيث استطاع أن يتحرك بصورة جعلت مخاطره (الذبذبة السعرية) مقبولة وليست مرتفعة، وبالتالي كان حجم الخسائر أو الربح في متناولنا ومقبولا. وبالتالي سنرى تحسن الوعي وأن نمو السوق والاستثمار فيه منطقي، ولكن بعد أن دفعنا الثمن. لا شك أن الكل يدرك أهمية السوق المالي ومعقولية مخاطره لبناء السعودية اقتصاديا في المستقبل، ولا يزال سوقنا يحتاج إلى فترة حتى يصبح مقبولا ومتفهما له من طرف المتداولين والشركات العاملة في السوق. ونستطيع القول إننا بدأنا نأخذ طريقا سليما بعد سنوات من التعثر أسهمت المؤسسات المالية والمصارف في تعقيده والإساءة لنا أكثر من غيرنا، ولكن التوجه أصبح أكثر منطقية الآن.